والنية شرط([10]) في صحة الوضوء. والدليل قوله تعالى: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين }([11]) وما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الأعمال([12]) بالنيات ولكل امرئ ما نوى )([13]). أراد حصر الأعمال إلى النيات وإبطالها بغير نية. وإنما من حروف الحصر كقوله تعالى: { إنما الله إله واحد}([14])، وما روي عنه عليه الصلاة والسلام: ( من عمل وأهمل كان بمنزلة من لم يعمل ). وصورة الفعل وصفته لا تدل على طاعة ولا معصية، وإنما تدل على طاعة ومعصية بتصرف النية، فإن عارض بعض من خالفنا بغسل النجاسة وقال: ليست النية شرطا في صحة الوضوء كما لا يفتقر غسل النجاسة إلى النية لأن في الوضوء شبها من النظافة، والوضوء في اللغة من الوضاءة، والوضاءة النظافة والحسن، ومنه قيل فلان وضئ الوجه أي نظيفه، فكأن الغاسل لوجهه وضاه أي نظفه بالماء وحسنه، قلب عليه بالطهارة اليابسة وهو التيمم لأن التيمم عنده قد قامت الدلالة على أنه محتاج إلى النية، وقياس الوضوء إلى التيمم الذي هو بدل منه أشبه من قياسه إلى غسل النجاسة لأنه من جنس التقرب، وغسل النجاسة المراد منها زوال العين، ولذلك لا يحتاج إلى النية. والوضوء عبادة غير معقولة المعنى، ولذلك يفتقر إلى النية([15])، وإنما ينوي([16]) بوضوئه رفع الحدث. يقول: أرفع بطهارتي هذه جميع الأحداث([17]) وأتطهر للصلاة طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام.
مسألة في التسمية وغسل اليدين:
পৃষ্ঠা ৪৮