172

ইকতিসাম

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

তদারক

سليم بن عيد الهلالي

প্রকাশক

دار ابن عفان

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

প্রকাশনার স্থান

السعودية

أَغْرَاضَهُمْ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: («فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ»)، فَأَثْبَتَ لَهُمُ الزَّيْغَ أَوَّلًا، وَهُوَ الْمَيْلُ عَنِ الصَّوَابِ، ثُمَّ اتِّبَاعَ الْمُتَشَابِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُحْكَمِ الْوَاضِحِ الْمَعْنَى، الَّذِي هُوَ أُمُّ الْكِتَابِ وَمُعْظَمُهُ. وَمُتَشَابِهُهُ عَلَى هَذَا قَلِيلٌ، فَتَرَكُوا اتِّبَاعَ الْمُعْظَمِ إِلَى اتِّبَاعِ الْأَقَلِّ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُعْطِي مَفْهُومًا وَاضِحًا; ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَطَلَبًا لِمَعْنَاهُ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ يَعْلَمُهُ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، وَلَيْسَ إِلَّا بِرَدِّهِ إِلَى الْمُحْكَمِ وَلَمْ يَفْعَلِ الْمُبْتَدِعَةُ ذَلِكَ، فَانْظُرُوا كَيْفَ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ أَوَّلًا فِي مُطَالَبَةِ الشَّرْعِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٩] الْآيَةَ، فَنَسَبَ إِلَيْهِمُ التَّفْرِيقَ، وَلَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ مِنْ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ; لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَيْهِمْ، وَلَا أَتَى بِهِ فِيمَعْرِضِ الذَّمِّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، فَجَعَلَ طَرِيقَ الْحَقِّ وَاضِحًا مُسْتَقِيمًا، وَنَهَى عَنِ الْبُنَيَّاتِ، وَالْوَاضِحُ مِنَ الطُّرُقِ وَالْبُنَيَّاتُ; كُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْعَوَائِدِ الْجَارِيَةِ، فَإِذَا وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهَا بِطَرِيقِ الْحَقِّ مَعَ الْبُنَيَّاتِ فِي الشَّرْعِ، فَوَاضِحٌ أَيْضًا، فَمَنْ تَرَكَ الْوَاضِحَ وَاتَّبَعَ غَيْرَهُ، فَهُوَ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ لَا لِلشَّرْعِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: ١٠٥]

1 / 190