341

قال أبو محمد بن عطية في هذا الوجه: ويكون هذا الإيصاء المقدر الذي يدل عليه ذكر الوصية بعد، هو العامل في إذا، وترتفع الوصية بالابتداء، وفيه جواب الشرطين على نحو ما أنشد سيبويه رحمه الله:

من يفعل الحسنات الله يحفظه

ويكون رفعها بالابتداء بتقدير: فعليه الوصية، أو بتقدير الفاء فقط كأنه قال: فالوصية للوالدين. اه. كلامه. وفيه أن إذا معمولة للإيصاء المقدر، ثم قال: إن الوصية فيه جواب الشرطين، وقد تقدم إبداء تناقض ذلك، لأن إذا من حيث هي معمولة للإيصاء لا تكون شرطا، ومن حيث إن الوصية فيه جواب إذا يكون شرطا فتناقضا، لأن الشيء الواحد لا يكون شرطا وغير شرط في حالة واحدة، ولا يجوز أن يكون الإيصاء المقدر عاملا وفي إذا أيضا لأنك إما أن تقدر هذا العامل في: إذا، لفظ الإيصاء بحذف، أو ضمير الإيصاء: لا، جائز أن يقدره لفظ الأيصاء حذف، لأن المفعول لم يسم فاعله لا يجوز حذفه، وابن عطية قدر لفظ: الأيصاء، ولا جائز أن يقدره ضمير الإيصاء، لأنه لو صرح بضمير المصدر لم يجز له أن يعمل، لأن المصدر من شرط عمله عند البصريين أن يكون مظهرا، وإذا كان لا يجوز إعمال لفظ مضمر المصدر فمنويه أحرى أن لا يعمل، وأما قوله: وفيه جواب الشرطين، فليس بصحيح، فإنا قد قررنا أن كل شرط يقتضي جوابا على حذفه، والشيء الواحد لا يكون جوابا لشرطين، وأما قوله على نحو ما أيد سيبويه:

من يفعل الحسنات الله يحفظه

وهو تحريف على سيبويه، وإنما سيبويه أيده في كتابه:

من يفعل الحسنات الله يشكرها

والشر بالشر عند الله مثلان

وأما قوله: بتقدير فعليه الوصية، أو بتقدير الفاء فقط، كأنه قال: فالوصية للوالدين، فكلام من لم يتصفح كلام سيبويه، فإن سيبويه نص على أن مثل هذا لا يكون إلا في ضرورة الشعر، فينبغي أن ينزه كتاب الله عنه.

পৃষ্ঠা ৩৭৫