وفرق بأن غسل الجنابة يجري مجرى إزالة النجاسة من وجه، ولهذا عم البدن كله لما صار جنبا؛ ولأن حدثها أغلظ، ولأن العباس إنما حجرها على المغتسل خاصة، وأما إزالة النجاسة به فيحرم. وقالت الحنابلة. إن تغير كان حراما، وإن لم يتغير وكان في الغسلة السابعة فهل يحرم أو يكره على روايتين، وإن قلنا: إن الماء لا ينجس إلا بالتغير فمتى انفصل غير متغير في أي الغسلات كان كره ولم يحرم وأما الاستنجاء به فحرام صرح به الماوردي في باب الاستطابة من الحاوي فقال: ولماء زمزم حرمة تمنع من الاستنجاء به انتهى. وكذلك من استعماله إلا فيما وردت فيه الرخصة وقد صح أنه ﷺ توضأ به، وأمر أن تبرد به الحمى فلا يتعدى به ما ورد. قال: لكن إن استنجى به أجزأ بالإجماع. وجزم المحب الطبري أيضا بتحريم إزالة النجاسة به. وقال: إن بعض الناس استنجى به فحدث به البواسير، وقال الروياني: تكره إزالة النجاسة به لحرمته. وقال العجلي: الأولى ألا يتطهر به لكرامته، وفي شرح المهذب المسمى بالاستقصاء عن الصيمري: إن غيره من الماء أولى منه. وقضية إطلاق الجمهور أنه كغيره فتحصلنا في الاستنجاء به على وجوه، الكراهة، والتحريم، وخلاف الأولى. وههنا بحث، وهو أن القائل بالتحريم أو الكراهة إما أن يكون مدركه أنه من أنهار الجنة أو كونه من منبع شريف، فإن كان الأول، فينبغي أن يقال: بالكراهة في النيل والفرات، لأنهما من