القوي الفاجر
وقيل: إنه قدم أهل الكوفة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكون سعد بن أبي وقاص، فقال: من يعذرني من أهل الكوفة؟ إن وليتهم التقي ضعفوه، وإن وليتهم القوي فجروه. فقال له المغيرة بن شعبة: يا أمير المؤمنين، إن التقي الضعيف له تقاه ولك ضعفه، وإن القوي الفاجر لك قوته وعليه فجوره. قال: صدقت أنت القوي الفاجر فاخرج إليهم.
فلم يزل عليهم أيام عمر وعثمان رضي الله عنهما وأيام معاوية حتى مات المغيرة، انتهى.
أجبن وأحيل وأشجع من لقي
وقيل: دخل عمر بن معد يكرب الزبيدي على عمر بن الخطاب، رضي الله عنه فقال عمر: أخبرني عن أجبن من لقيت وأحيل من لقيت وأشجع من لقيت. قال: نعم يا أمير المؤمنين.
خرجت مرة أريد الغارة، فبينما أنا سائر إذا بفرس مشدود ورمح مركوز، وإذا رجل جالس كأعظم ما يكون من الرجال خلقا، وهو محتب بحمائل سيفه، فقلت له: خذ حذرك فإني قاتلك. فقال: ومن أنت؟ قلت: أنا عمرو بن معد يكرب الزبيدي، فشهق شهقة فمات. فهذا يا أمير المؤمنين أجبن من رأيت.
وخرجت مرة حتى انتهيت إلى حي فإذا أنا بفرس مشدود ورمح مركوز، وإذا صاحبه في وهدة يقضي حاجته، فقلت: خذ حذرك فإني قاتلك. فقال: ومن أنت؟ فأعلمته بي، فقال: يا أبا ثور ما أنصفتني أنت على ظهر فرسك وأنا على الأرض، فأعطني عهدا أنك لا تقتلني حتى أركب فرسي. فأعطيته عهدا فخرج من الموضع الذي كان فيه واحتبى بحمائل سيفه، وجلس. فقلت: ما هذا؟ فقال: ما أنا براكب فرسي ولا بمقاتلك فإن نكثت عهدك فأنت أعلم بناكث العهد. فتركته ومضيت. فهذا يا أمير المؤمنين أحيل من رأيت.
পৃষ্ঠা ১৮