أو في حكم بين الناس، أو نقص في مرتبته أو شرف نسبه أو وفور علمه أو زهده، أو يكذب بما اشتهر به من أمور أخبر بها عليه أفضل الصلاة والسلام وتواتر الخبر بها عنه عن قصد لرد خبره، أو يأتي بسفه من القول أو نوع من السب في جهته، وان ظهر بدليل حاله أنه لم يتعمد ذمه ولم يقصد سبه، إما لجهالة حملته على ما قاله، أو لضجر أو سكر اضطره إليه، أو قلة مراقبة وضبط للسانه، فحكمه القتل دون تلعثم، إذ لا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان، ولا بشيء مما ذكرناه إذا كان عقله في فطرته سليما، إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، وبهذا أفتى الأندلسيون على من نفى الزهد عنه ﷺ كما مر انتهى.
وما ذكره ظاهر موافق لقواعد مذهبنا، إذ المدار في الحكم بالكفر على الظواهر، ولا نظر للمقصود والنيات ولا نظر لقرائن حاله.
نعم يعذر مدعي الجهل، إن عذر لقرب إسلامه، أو بعده عن العلماء، كما يعلم مما قدمته عنه في الروضة، ويعذر أيضا فيما يظهر بدعوى سبق اللسان بالنسبة لدرء القتل عنه، وان لم يعذر فيه بالنسبة لوقوع طلاقه وعتقه، والفرق أن ذلك حق الله تعالى وهو مبني على المسامحة بخلاف هذين.
ولو قال: فعل رسول الله ﷺ الرياء، فإن أراد الرياء المحرم الذي هو كبيرة فقد ذكره القاضي، أو أطلق، أو أراد به إظهار خلاف ما يبطن لم يكفر كما هو ظاهر، لكنه يعزر التعزير البليغ، وقوله: وتواتر الخبر بها عنه: أي: لفضا وهو موجود، خلافا لمن زعمه نفيه، أو معنى ولا نظر في ذلك، خلافا لمن زعمه، ولو كان في ضيق من حبس أو فقر، وقصد بالتلفظ بمكفر مما مر أو غيره أن يقتل ليستريح لا حقيقة المكفر، فهل هو كافر باطنا أو نقول: هذه قرينة تنفي الكفر عنه باطنا كل محتمل، ولعل الثاني أقرب.