والإفراد ضد آخر وهو التثنية ولكن لم يجيء إلا ضميرها ولقلته أدرجه في باب الحذف والإثبات تارة كقوله: ودع ميم خيرا منهما، وتارة أدرجه في باب المد والقصر كقوله: وحكم صحاب قصر همزة جاءنا، والتنوين ضده ترك التنوين إما لعدم الصرف وإما للإضافة وكلاهما قد استعمله بهذا اللفظ وبما يؤدي معناه كقوله: ونوَّنوا عزيز رضا نص ثمود مع الفرقان والعنكبوت لم ينون، وقلب نونوا من حميد خالصة أضف أكل أضف حلا.
وقد يعبر عن التنوين بالنون نفيا وإثباتا كقوله: شهاب بنون ثق معا سبأ افتح دون نون وفي درجات النون ولا نون شركا، ولو تجنب ذلك لكان أحسن؛ لأنه قد آخى بين النون والياء كما يأتي فيتحد اللفظ والضد يختلف فيقول تارة: نغفر بنونه فيكون ضده الياء، وضابطه أن يكون الحرف المختلف فيه فعلا مضارعا، وحيث يكون الحرف المختلف فيه اسما تكون النون فيه عبارة عن التنوين.
وأما التحريك فضده الإسكان سواء كان التحريك مقيدا أو مطلقا وكلاهما مستعمل كقوله: معا قدر حرك وحرك عين الرعب ضما وسكن معا شنآن وأرنا وأرني ساكنا الكسر وقوله اعملا أي اجعل عاملا في الحرف ما يتصف به الحرف من ارتفاع وانفتاح وانخفاض فمتى ذكر التحريك فضده السكون ومتى ذكر اسم الحركة دونها فالضد له مثاله إذا قال ارفع فضده انصب وإذا قال انصب فضده اخفض وإذا قال اخفض فضده انصب ولا مدخل للسكون في القراءة المسكوت عنها، وإن ذكر التحريك مع واحد من هذه الثلاثة فالضد له وهو السكون ولا التفات إلى كونه قد قيد التحريك بضم أو فتح أو كسر مثاله قوله: وتسأل ضموا التاء واللام حركوا برفع، فلأجل قوله: حركوا أخذنا السكون للقراءة الأخرى ولم نأخذ ضد الرفع، ولو قال موضع حركوا برفع: رفعوا لأخذنا ضد الرفع وهو النصب، وكذا قوله وحمزة وليحكم بكسر ونصبه يحركه لولا قوله: يحركه لكانت قراءة الباقين بفتح اللام وخفض الميم، فلما قال يحركه سكن الحرفان فاعرف ذلك فإنه قل من أتقنه فهذا شرح ما ذكر من أمثلة الأضداد في هذين البيتين وقد استعمل ألفاظا أخر كثيرة لم يذكرها هنا منها التقديم والتأخير كقوله هنا: قاتلوا أخر وختامه بفتح وقدم مده ومنها القطع والوصل كقوله: وشام قطع اشدد وشدد وصل وامدد.
ويجيء صل بمعنى آخر وهو وصل ميم الجمع وهاء الكناية بواو أو ياء وضده ترك ذلك.
ومنها الإهمال الدال على النقط في القراءة الأخرى كقوله في سورة الأنعام: في يقض الحق شدد وأهملا ومنها الاستفهام والخبر كقوله: واستفهام إنا صفا ولا وأخبروا بخلف إذا ما مت وغير ذلك مما يأتي في مكانه إن شاء الله تعالى.
٦٠-
وَحَيْثُ جَرَى التَّحْرِيكُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ ... هُوَ الْفَتْحُ وَالْإِسْكانُ آخَاهُ مَنْزِلا
يعني إذا أطلق التحريك فمراده به الفتح دون الضم والكسر مثاله: معا قدر حرك من صحاب أي افتح الدال، وقال في الضم والكسر: وحرك عين الرعب ضما وضيقا مع الفرقان حرك مثقلا بكسر فقيدهما ولم يطلق لفظ التحريك.
وقوله: والإسكان آخاه فيه وجهان؛ أحدهما: أن السكون آخا التحريك غير المقيد في أنه متى ذكر غير
1 / 44