ইব্রাহিম কাতিব
إبراهيم الكاتب
জনগুলি
1
كان أول ما رآه إبراهيم من حياة الريف - غير ما في البيت الأنيق الذي شاده الشيخ علي - أحمد الميت راقدا في حظيرة البهائم، وكان إبراهيم قد اعتزم أن يقلل من المكث في البيت وأن يكثر من الخروج إلى الحقول والتجواب في القرية، على الأقل في النهار، حتى يجيء الشيخ علي من الإسكندرية، فقادته رجلاه إلى هذه الحظيرة وهو لا يدرى.
وكان أحمد قد سكر فلما بلغ الحظيرة عرج عليها وارتمى فيها، ولم يكن يدري لا هو ولا سواه كم ساعة قضاها هناك راقدا يغط، بعمامته وجلبابه الأسود وحذائه الأصفر الشامي، وعلى أنه لم يكترث لذلك. بل لم يكن يبالي كم ساعة أخرى يمكن أن يقضيها هناك.
ولم يكن منظر هذا السكران الطافح بالغريب على ما يظهر فى القرية، يدل على هذا أن إبراهيم رأى قريبا من رأس النائم حجرا منصوبا كأنما أراد واضعه أن يتماجن على النائم - وشهرته الميت - فرفع عليه حجرا كالذي ينصب على القبور، وفيما عدا هذا الماجن المجهول لم يتبين إبراهيم أن أحمد أزعجه أحد آخر، إذا استثنينا حمارا كان مطلقا في الحظيرة وكان لا ينفك يدنو من هذا الراقد ويشمه كأنما يحسبه بعض المذاود أو بعض ما يوضع فيها. ويضاف إلى الحمار كلب - لم ينس إبراهيم أنه رآه ليلة جاء إلى هذه القرية - مستلقيا عند قدميه ولا يزال يرفع رأسه فتقع الشمس في عينيه فتختلج جفونه.
وقف إبراهيم ينظر إلى هذا «الميت» ويفكر فيما ينبغي أن يصنع ويعجب للشيخ على كيف يتخذ مثل هذا المجنون السكير وكيلا له ويعهد إليه في الإشراف على شؤون ضيعته. ثم تقدم فدفع الحجر برجله فألقاه، ولاحظ أن عمامة الرجل على الأرض وأن رأسه عار وأن أشعة الشمس واقعة عليه، وظن أن هذا قد يجديه فالتقط العمامة وغطى بها جبينه وعينيه وترك له فمه وأنقه ليتنفس، ولم يجد أن في وسعه شيئا آخر فأولاه ظهره ومضى، ولكنه تلفت مرة قبل أن يخرج. فإذا بالعمامة على الأرض مرة أخرى وإذا بأحمد الميت قاعدا يقول كلاما غير مفهوم.
والحقيقة أن أحمد الميت - على خلاف أهل الريف - لم يكن يطيق أن ينام وعلى رأسه غطاء، ولعله يؤمن في أعماق نفسه بفائدة الشمس للجسم ولا يخشى وقوعها حتى على رأسه، وكان منذ حداثته يأبى أن يضع على رأسه شيئا وهو نائم، ولكنه وهو قاعد ورجلاه ممدودتان لم يستطع أن يفضي إلى إبراهيم بعقيدته هذه ولا أن يبين له أن تلك عادته ولم تنفرج شفتاه إلا عن تمتمة غير مفهومة، فكر إليه إبراهيم وزجره أن ينهض إلى بيته إن كان له بيت غير هذه الحظيرة.
فنهض أحمد إلى قدميه وسأل إبراهيم: البيت؟ لماذا أذهب إلى البيت؟
ولم يكن هذا بالسؤال الذي يلقى على إبراهيم، ولكنه مع ذلك قال له وهو ممتعض من منظره: اغسل هذه الأقذار التى على جسدك أيها البهيم القذر.
ولم يكد يقولها حتى كان أحمد الميت يخلع ثيابه ويقذف حذاءه ويعدو في قميصه وسرواليه المصفرين، إلى النهر، فدهش إبراهيم وأيقن أن الرجل لا مفر له من الغرق، ولما كان لا يدري كيف ينقذه فقد بدا أن يرجع إلى البيت ويخبر من فيه.
2
অজানা পৃষ্ঠা