ইব্রাহিম কাতিব
إبراهيم الكاتب
জনগুলি
فالتفت فإذا شوشو واقفة في مدخل الباب، وذراعاها ممدودتان وكفاها على المصراعين، وقدها الممشوق بادية معالمه كلها بفضل وقفتها، وثوبها الصوفي المحبوك، فبهت إبراهيم! كما بهت الذي كفر فيما حدثنا الكتاب الكريم، ولم يدر ماذا يقول أو يفعل. ولم يكن أسهل من التخلص، ولكن خياله النشيط جسم له الأمر فارتبك، وبدا ذلك كأجلى ما يكون في جموده في مكانه، وفي ثبات حملاقه، وذهول نظرته، وانفراج شفتيه، وتصلب يمناه المثنية على صدره.
فزايلت شوشو ابتسامتها وتقدمت إليه وردت مصراعي الباب وراءها حتى تلامسا، ووقفت إلى جانبه تحدجه بنظرها، ثم قالت له وتكلفت الابتسام، وإن كان لونها ممتقعا: ستحرق السيجارة أصابعك إذا لم تنتبه!
وكأنما رد صوتها رشده إليه، فحنى رأسه وصوب عينيه إلى يده وقال: «نعم أشكرك» وبدا منه مثل حركة من يهم بالقعود، وإن لم يكن وراءه شيء، فسندته شوشو بذراعيها فأفاق تماما والتفت وراءه ثم رفع إليها وجهه الشاحب المتهضم وقال: «أشكرك ثانية» فقالت وهي تقسر نفسها على الابتسام ولا تدري ماذا تهدي إليه: من حسن الحظ أن الدكتور هنا، وإني أستطيع أن أكون ممرضة عند الحاجة!
فندت عن صدره «آه» قصيرة مثقلة، كأنها خارجة من صدر رجل طعن وهو نائم. - يجب أن تجلس. إنك مريض وتناولت يده تجسها. - كلا! كلا! لست مريضا. دعيني.
ولكنه أطاعها وجلس وهو يتأفف، ويمر يده على وجهه. - إن الدكتور وحده .... - اذهبى إليه، حقيقة لا يليق أن تدعيه وحده. - لا أستطيع أن أتركك وحدك. ولكن انتظر.
وخرجت مسرعة.
وبعد دقائق عادت وأخبرته أنها صعدت بالدكتور إلى أختها ثم قالت: والآن أراك أحسن مما كنت حين تركتك. ألست كذلك؟ - نعم أحسن كثيرا. - إذا قم والبس بذلتك، فقد كلفتني حيلتي كذبة. فعليك أن تبيض وجهي. - أية كذبة؟ - لقد قلت لهما إنك مصر على عدم مقابلة الدكتور إلا في بذلتك، كذبة قلتها كسبا للوقت لأني خفت أن تطول هذه الحالة التي رأيتك عليها. وكلفتني غير الكذبة شيئا آخر، ولكني سأحاسبك فيما بعد. أما الان فالبس ثيابك وسأسبقك.
الفصل السابع
«أيتها الجالسة في الجنات. الأصحاب يسمعون صوتك فأسمعيني» ...
صعد إبراهيم إلى غرفة الاستقبال العائلية التي جلس فيها بعد الإفطار مع شوشو برهة، فألفى الأسرة مجتمعة فيها: محمد الصغير ابن نجية يبكي - أو على الأصح تبكي حنجرته دون عينيه - لسبب لا شك يدعو إلى بكاء مثله، وفي كفه مرآة صغيرة ينظر فيها ويظهر أن الغرض من ذلك أن يرى في صقالها كيف يبدو الوجه الإنساني حين يبكي حامله! وكان يكف عن النشيج كلما استوقفه المنظر العام أو لفته منه شىء خاص، ثم يستأنف الإعوال! وكانت زينب أخته - أو زوزو كما ألفوا أن يسموها على عادة هذه الأسرة - معتمدة بذراعيها على كرسي، ومنحنية عليه وناظرة إلى مقعده، ومشتغلة بتحركيه إلى الأمام وإلى الوراء، وأمها نجية تلتفت إليها من حين إلى حين وتزجرها عن هذه الحركة، خوفا على الكرسي، بمثل هذه الأصوات: «تؤ.. تؤ.. تؤ..» ثم تعود وتحول وجهها إلى الدكتور إلى جانبها ولا تنتظر نتيجة زجرها، أما شوشو فلم تكن في الغرفة ساعة دخلها إبراهيم.
অজানা পৃষ্ঠা