51

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

প্রকাশক

دار الفكر العربي

٥٣- علا ابن تيمية فآثار أحقاد كثيرين، ومنافسة بعض العلماء وخصوصاً حين رأوه يستشار في تولية بعض المناصب فهو الذي أشار كما رأيت بتولية من تولى مشيخة الحديث بعد تقي الدين بن دقيق العيد، ورأوه من بينهم ينفرد بالمنزلة عند العامة تسكن بسكونه، وتهتدي بهديه، وتخضع لرأيه ودعوته، لم ينظروا إلى الأسباب التي رفعته، لأنهم لم يفعلوها، ولو توافرت لهم الإرادة الماضية والنية التي توافرت له لكان لهم مثل مكانه، ولكن نظروا إلى النتيجة فلم ترضهم، وأزالت حسدهم، ولقد قال في ذلك ابن كثير في تاريخه:

((كان الشيخ تقي الدين من الفقهاء جماعة يحسدونه، لتقدمه عند الدولة، وانفراده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الناس له، ومحبتهم له، وكثرة أتباعه وقيامه بالحق وعلمه وعمله)).

حسد بعض العلماء ذلك العالم الجليل على ما حباه الله من فضله، وإذا لم يحسد مثله على ما وصل إليه من مكانة عند العامة والخاصة، فإن الحسد يزول من الوجود، فإنه كلما ازداد الفضل لدى شخص ازداد حساده وإن الحساد عملهم دائما أن يحشدوا الناس على ما آتاهم الله من فضله، إذا عجزوا عن المجاراة، فالحسد يثيره فضل في المحسود، وعجز في الحاسد؛ ولم يكن في عصر ابن تيمية من يستطيع مجاراته في أسباب فضله.

٥٤- وقد وجد الحسد الحطب الذي ينفث فيه النار، وتحرق بها المحسود؛ فإن قول الحق الذي كان يجري به لسان تقي الدين رضي الله عنه لم يجعل له صديقاً إلا من الذين لا غرض لهم، فالطوائف الكثيرة أغضبها، قاد الجيوش لمحاربة الشيعة، وحاول أن يقتلعهم من مقامهم، وقتلتهم جيوش الناصر بإرشاده ودعوته وقطع أشجارهم، وهم إن اختفوا في العامة يستطيعون أن ينفثوا سمومهم في الخاصة بتأجيج نيران الحقد والحسد في قلوبهم، وفي أعماقها الجذوة الصالحة للتأجيج.

وقد حارب الصوفية، وانطلق لسانه في إمام الصوفية وفيلسوفهم محيي الدين بن عربي، وأخذ يهدم فكره وآراءه، وأخذ يحرض أولياء الأمر عليهم للكف عن شعوذتهم

50