وكان من تنبيه القرآن، باشتماله على هذا الضرب من الآيات وأمثالها، العقل إلى التفكير للوصول إلى الإيمان بالله الخالق العلي الحكيم، أن ظهر في البيئة الإسلامية كتب «العقل» لداود بن المجبر بن فهدم أبي سليمان البصري وأمثاله، وروى أصحاب هذه الكتب أحاديث عن الرسول
صلى الله عليه وسلم
تشيد بالعقل إلى أكبر الحدود، وتجعل له الأثر البالغ في كل شيء.
9
ويذكر ابن تيمية حين سئل رأيه في هذا الحديث: «أول ما خلق الله العقل، فقال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، فقال: وعزتي ما خلقت خلقا أكرم علي منك، فبك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب والعقاب»، حين سئل الشيخ عن هذا الحديث قال: هذا الحديث باللفظ المذكور قد رواه من صنف في فضل العقل كداود بن المجبر ونحوه. ثم يذكر رأيه في الحديث فيقول: واتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ضعيف بل موضوع. ثم ينقل عن الحفاظ أن الأحاديث المروية عن الرسول في «العقل» لا أصل لشيء منها، وبخاصة والمراد بالعقل فيها هو العقل الإنساني كما يزعم الذين رووها.
10
ومهما يكن من أمر، فقد كان المعتزلة أول من أشادوا من بين الفرق الإسلامية بالعقل، فجعلوه الفيصل في أمر الإيمان والعقيدة، حتى ليقول في مدحه أحد قدامى رجالهم، وهو بشر بن المعتمر من بغداد:
لله در العقل من رائد
وصاحب في العسر واليسر
وحاكم يقضي على غائب
অজানা পৃষ্ঠা