28

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

প্রকাশক

دار الفكر العربي

وهو في كل ذلك يغذي عقله، وينمي مداركه، ويرهف تفكيره، ويعد نفسه لمنازلة الأقران من كل طائفة.

٢٩- وإنا لا نفرض هذه الفروض على أنها احتمالات متصورة، لا واقع يؤيدها، بل إنك في رسائله وكتاباته، كما تتبين النقل والآثار تلمح عقلاً فلسفياً متأملاً مدركاً، عميق الإدراك بعيد الغور؛ بل إن شئت فقل إنه أصدق رجال العلم تصويراً للعقلية الإسلامية، المتأملة العميقة، فإنه ليس الفيلسوف هو الذي يهم في أحلام الفلاسفة وتأملاتهم وأخيلتهم فقط، بل إن كل من يقرر الحقائق، ويناضل عنها بعقل متأمل مدرك عميق، بعيد الغور في الفروض والتقديرات هو أيضاً فيلسوف، وإن كان يتكلم بالحقائق الدينية المقررة، وينطق بأحكام القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم محررة ثابتة، بل إننا لنحسب أن الغزالي وهو يكتب تهافت الفلاسفة كان هو في كتابته فيلسوفاً عميق الفكرة بعيد الغور لا يقل عن صاحب تهافت التهافت.

فليست الفلسفة آراء تعتنق، ولكنها عمق إدراك وحسن تأمل، وإخلاص في طلب الحقيقة، وكل ذلك كان ابن تيمية فيما كتب، فهو الفيلسوف الديني المستقيم الفكر، سواء أرضي بهذا الوصف أم لم يرض.

٣٠- وإذا ألقينا نظرة في كتاباته الفقهية لنتعرف منها دراسته الأولى فإننا نجد فقيهاً مطلعاً متقصياً قد علم أقوال المتقدمين والمتأخرين، وأقيسة القياسين، ونظرات الأثريين، وتعمق المخرجين، وكل مسألة يعرض فقهاً، ترى الفقه المقارن مفحوصاً مدروساً يرجع فيه النتائج إلى مقدماتها والفروع إلى أصولها، والمسببات إلى أسبابها، في إدراك للب الشريعة ومغزاها ومرماها.

وإنا لنلمح بصفة خاصة أنه كان حريصاً الحرص كله على معرفة آراء الصحابة، واتجاهات فقههم في استقراء وتتبع، وخصوصاً فقه الذين امتازوا بالعلم، والخبرة والتجربة، والدراسة والفحص، كعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، كما كان يحرص على معرفة فتاوى التابعين الممتازين كسعيد بن المسيب،

27