وأما صلاح الجد فهو أن يكون الاتفاق لإنسان ما علة لوجود الخير له.
والفضائل - وإن كانت غايات - فهي أيضا خيرات في أنفسها ونافعة في الخير، وقد ينبغي أن نخبر عن كل واحد من هذه، وكيف هي خير في أنفسها، وكيف هي فاعلة للخير.
ومن النافعات بذاتها الملكات الطبيعية التي يكون الإنسان بها مستعدا لأشياء حسنة، مثل الذكاء والحفظ والتعلم وخفة الحركات، والعلوم والصنائع والسير المحمودة.
فهذه هي الخيرات التي يعترف بها، ويجتمع على أنها خيرات ونافعات.
ومن الاصطناعات النافعة والأفعال التي يعظم قدرها عند المصطنع إليهم أن يختار الإنسان إنسانا عظيم القدر من جنس ما من الناس، له أيضا عدد عظيم القدر في جنس آخر من الناس، فيفعل بعدد ذلك الإنسان الشر وبأصدقائه الخير، مثل ما عرض لأوميروش مع اليونانيين وأعدائهم، فإنه قصد إلى عظيم من عظماء اليونانيين في القديم فخصه بالمدح وأصدقاءه من اليونانيين، وخص عدوا له عظيما بالهجو هو وقومه المعادين اليونانيين في حروب وقعت بينهما، فكان رب النعمة العظيمة بذلك عند اليونانيين، وعظموه كل التعظيم، حتى اعتقدوا فيه أنه كان رجلا إلهيا، وأنه كان المعلم الأول لجميع اليونانيين.
فمن هذه الوجوه يأخذ الخطيب المقدمات التي منها يقنع أن الشيء نافع أو غير نافع، ويستبين أن الشيء الذي هو مبدأ ليس يلزم أن يكون أعظم من الشيء الذي هو له مبدأ؛ وذلك أن الإرادة مبتدأ الخير، وفعل الخير أعظم من إرادة الخير، والذي يحكم به الكل من الجمهور أو الأكثر أو ذوي الألباب والأخيار الصالحين أنه خير وأفضل؛ فهو أفضل بإطلاق، وفي نفسه، إذا كان حكمهم في الأشياء بحسب فطرهم وكانوا ذوي لب، لا بحسب ما استفادوه من الآراء من خارج. وما اختاره الكل آثر مما لا يختاره الكل من الجمهور، وما اختاره أيضا كثير من الناس آثر مما يختاره القليل من الناس، وما اختاره أيضا الحكام الأول - أعني الذين لا يأخذون الأحكام من غيرهم وهم الشراع - أفضل مما لم يختاروه.
والفضلاء الأبرار الذين جرت العادة أن يأخذ عنهم الجميع أو الأكثر فحكمهم أفضل.
ومن الصنف المقبول القول من الناس جدا جدا الصنف الذين كراماتهم أعظم؛ لأن الكرامة لما كانت مكافأة الفضيلة كان المرء كلما عظمت فضيلته ظن به أنه قد عظمت فضيلته.
والصنف من الناس الذين نالتهم المضرة العظيمة والشقاء الكبير لمكان الفضائل هم أيضا مقبولو القول جدا جدا بمنزلة سقراط وغيره.
وقسمة الشيء إلى جزئياته يخيل في الشيء أنه أعظم؛ ولذلك لما أراد أوميروش الشاعر أن يعظم الشر الذي لحق المدينة أخذ بدله جزئياته، فذكر قتل الأولاد والنوح عليهم وحرق المدينة ... إلخ إلخ.
অজানা পৃষ্ঠা