1
في الضبط والإجادة في التجليد، فأوعى
2
من ذلك كله. واجتمعت بالأندلس خزائن من الكتب لم تكن لأحد من قبله ولا من بعده، إلا ما يذكر عن الناصر العباسي ابن المستضيء، ولم تزل هذه الكتب بقصر قرطبة إلى أن بيع أكثرها في حصار البربر ...»
3
وكان أعيان السراة
4
والتجار يقتدون بالخلفاء في هذا الإقبال على اقتناء الكتب، سواء منهم من يقرأ ومن لا يقرأ. قال الحضرمي: «أقمت مرة بقرطبة ولازمت سوق كتبها مدة أترقب فيه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع وهو بخط فصيح وتفسير مليح، ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه فيرجع إلي المنادي بالزيادة علي، إلى أن بلغ فوق حده، فقلت له: يا هذا! أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي. قال: فأراني شخصا عليه لباس رئاسة، فدنوت منه وقلت له: أعز الله سيدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك، فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده ... فقال لي: لست بفقيه ولا أدري ما فيه، ولكني أقمت خزانة كتب واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب، فلما رأيته حسن الخط جيد التجليد استحسنته ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير ...»
5
وكان ابن رشد فخورا بهذه الخصلة في موطنه، فقال لزميله الفيلسوف ابن زهر يوما وهما بحضرة المنصور بن عبد المؤمن من خلفاء دولة الموحدين: «ما أدري ما تقول، غير أنه إذا مات عالم بإشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإذا مات مطرب بقرطبة فأريد بيع تركته حملت إلى إشبيلية ...»
অজানা পৃষ্ঠা