ইবন রুমি: তার কবিতা দিয়ে তার জীবন
ابن الرومي: حياته من شعره
জনগুলি
أخرج القرن الثالث للهجرة شاعرين هجائيين هما أشهر الهجائين في أدب العصور الإسلامية عامة؛ أحدهما: ابن الرومي، والآخر: دعبل الخزاعي هاجي الخلفاء والأمراء وهاجي الناس جميعا والقائل:
إني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثير ولكن لا أرى أحدا
وقد جمع المعري بينهم في بيت واحد، وضرب بهما المثل لهجاء الدهر لبنيه فقال:
لو أنصف الدهر هجا أهله
كأنه الرومي أو دعبل
وليس للمؤرخ الحديث أن يضيف اسما جديدا إلى هذين الاسمين؛ فإن العصور التالية للقرن الثالث لم تخرج من يضارعهما في قوة الهجاء والنفاذ في هذه الصناعة، وكلاهما مع هذا نوع فذ في الهجاء يظهر متى قرن بالآخر، فدعبل كما قلنا في غير هذا الكتاب:
كان صاحب طبيعة من تلك الطبائع النابية النافرة التي تخرج على المجتمع وتثور به، ولا تزال في حرب معه لا مسالمة فيها ولا مهادنة إلى أن يواريها الموت في ثراه، وكان غاضبا أبدا على الناس ينكر عرفهم، ويشذ على إجماعهم، ويهجو أفرادهم بأسمائهم، وهو إنما يهجو الناس جميعا في أشخاص أولئك الأفراد ... وكان يهيم على رأسه في البلاد سنين عدة تنقطع فيها أخباره، وتخفى آثاره، ثم يظهر حيث كان فجأة وقد أقرى وغنم ليبدد ما جمعه في اللهو والقصف، ثم ينقلب إلى شأنه من الإباق، والتطواف في أرجاء الأرض، وربما لقي الشراة وقطاع الطريق في بعض رحلاته، فيجالسهم ويؤاكلهم ويأمر غلاميه أن يغنيا لهم، ويعرفهم ويعرفونه فلا يمسونه بأذى ولا يذكرهم بسوء؛ لأنهم أبناء نحلة واحدة يؤلف شملهم النفور من الناس، ويوفق بينهم الشذوذ عما تواضعوا عليه من الآداب والدساتير، فهو قاطع طريق بفطرته التي ولد عليها وإن لم يحمل السيف، ولم يخرج للفتك والغيلة.
بل قد قيل: إنه قطع الطريق في بعض أيامه فعلا، «وإنه كان يكمن للناس بالليل، فرصد يوما صيرفيا طمعا بما معه، ففتك به، ولم يجد في كمه إلا ثلاث رمانات في خرقة، فخرج هاربا من الكوفة لاشتداد الطلب عليه»، وما كان هجوه لو بحثت في أسبابه إلا ضربا من قطع الطريق على الناس اشتهاء في أكثر الأحيان للذة الصيد والقنص، ونزوة المطاردة والتخويف، لا طمعا في المال أو طلبا للتراث، فما اتفق الناس على إمام إلا هجاه، وألح في هجائه وإن أحسن إليه وأجزل له العطاء، ولا ترك أميرا ولا وزيرا ولا واليا إلا ناله بلسانه عرضا أو قصدا، ولو كان من أبناء قبيلته ومن خاصة المفضلين عليه ...
أما ابن الرومي فلم يكن مطبوعا على النفرة من الناس، ولم يكن قاطع طريق على المجتمع في عالم الأدب، ولكنه كان فنانا بارعا أوتي ملكة التصوير، ولطف التخيل والتوليد، وبراعة اللعب بالمعاني، والإشكال، فإذا قصد شخصا أو شيئا بهجاء صوب إليه مصورته الواعية، فإذا ذلك الشخص أو ذلك الشيء صورة مهيأة في الشعر تهجو نفسها بنفسها، وتعرض للنظر مواطن النقص من صفحتها كما تتطبع الأشكال في المرايا المعقوفة والمحدبة، فكل هجوه تصوير مستحضر لإشكاله، أو لعب بالمعاني على حساب من يستثيره.
অজানা পৃষ্ঠা