ইবন রুমি: তার কবিতা দিয়ে তার জীবন
ابن الرومي: حياته من شعره
জনগুলি
9 «... أن صديقا لابن ثوابة الكاتب أبي العباس يكنى أبا عبيدة قال له ذات يوم: إنك بحمد الله ومنه ذو أدب وفصاحة وبراعة، فلو أكملت فضائلك بأن تضيف إليها معرفة البرهان القياسي وعلم الأشكال الهندسية الدالة على حقائق الأشياء، وقرأت إقليدس وتدبرته ...»
ثم نقل أبو حيان عن ابن ثوابة أنه كتب إلى صديق له سأله عما حدث بينه وبين معلمه الهندسة، فأجابه بعد تطويل وحوقلة واستعاذة بما يأتي: ... فأخذ القلم ونكت نكتة، نقط منها نقطة تخيلها بصري، وتوهمها طرفي كأصغر من حبة الذر، فزمزم عليها من وساوسه، وتلا عليها من حكم أسفار أباطيله، ثم أعلن عليها جاهرا بإفكه، وأقبل علي وقال: أيها الرجل، إن هذه النقطة شيء لا جزء له، فقلت: أضللتني ورب الكعبة، وما الشيء الذي لا جزء له؟ فقال: كالبسيط ... فقلت أنا: وما الشيء البسيط؟ فقال: كالله والنفس! فقلت له: إنك من الملحدين، أتضرب لله الأمثال والله يقول:
فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ، فلما سمع مقالتي كره استعاذتي، فاستخفه الغضب فأقبل علي مستبسلا وقال: إني أرى فصاحة لسانك سببا لعجمة فهمك، وتدرعك بقولك آفة من آفات عقلك، فلولا من حضر والله المجلس، وإصغاؤهم إليه مستصوبين أباطيله، ومستحسنين أكاذيبه، وما رأيت من استهوائه إياهم بخدعه، وما تبينت من توازرهم؛ لأمرت بسل لسان اللكع الألكن، وأمرت بإخراجه إلى حر نار الله وسعيره ...
ومضى ابن ثوابة يذكر كيف جاءوا له بمعلم مسلم بعد هذا المعلم النصراني، وكيف استعظم هذا المعلم المسلم عليه أن يدرك النقطة، وقال له:
وهل بلغت أنت أن تعرف النقطة؟ فقلت: استجهلني ورب الكعبة! وأخذ يخط وقلبي مروع يجب وجيبا، وقال لي غير متعظم: إن هذا الخط طول بلا عرض. فتذكرت صراط ربي المستقيم، وقلت له: قاتلك الله! أتدري ما تقول؟ تعالى صراط ربي عن تخطيطك وتضليلك! إنه لصراط مستقيم، وإنه لأحد من السيف الباتر والحسام القاطع، وأدق من الشعرة، وأطول مما تمسحون، وأبعد مما تذرعون، أتطمع أن تزحزحني عن صراط ربي، وحسبتني غرا غبيا لا أعلم ما في باطن ألفاظك، ومكنون معانيك؟ والله ما خططت الخط وأخبرت أنه طول بلا عرض إلا ضلة بالصراط المستقيم لتزل قدمي عنه، وأن ترديني في جهنم! أعوذ بالله وأبرأ إليه من الهندسة ومما تدل عليه وترشد إليه ... إني بريء من الهندسة ومما تعلنون وتسرون ...
فهذا مثل بارع من السخرية التي كانوا يقابلون بها سخرية القوم من المنطق والنجوم، والكتاب على ما فيه من الصورة الهزلية يدل بين سطوره على حقائق كثيرة، منها استفاضة تلك العلوم وجلالة خطرها بين المتأدبين، حتى إن رجلا كابن ثوابة بلغ من المكانة والسن مبلغه يخف إلى تعلمها، ويحسب أن مروءته لا تكمل بين ذوي العلم بغير درسها، ومنها أن أشياعها كانوا من الكثرة، وأن أساتذتها كانوا من التجلة والهيبة بحيث كان يعز على ابن ثوابة أن يجد في مجلس رجلا واحدا يؤازره، ويرضى له أن يهين المعلم الذي جبهه بالقول الخشن، واستطال عليه بالتقريع في داره.
وليس يخفى أن الهزل كالغضب كلاهما مصور مبالغ موكل بالغلو في التكبير والتصغير، فلا المتشددون كانوا كما مثلهم لنا أبو حيان في دعابته وهزله، ولا المشغوفون بالحديث كانوا كما مثلهم لنا ابن قتيبة في نكرانه وغضبه، بيد أننا إذا حسبنا كل حساب لمبالغة الهزل ومبالغة الغضب بقيت المسافة طويلة بين الفريقين، والبرزخ الفاصل بينهما متعذر العبور على تقارب الجيرة في الزمان والمكان.
وسكان دار لا تزاور بينهم
على قرب بعض في المحلة من بعض
وليس يصعب على القارئ أن يتخيل هذه الحالة بجملتها؛ لأنها أشبه شيء بما نحن فيه الآن من تباعد وتقارب، واتصال في الثقافات وانفصال، أو لعل الفرق الوحيد بيننا وبينهم أن عصرهم كان عصر الموالي الذين يدخلون العصبية الشعوبية في هذا الخلاف، ويجتهدون في درس العلوم الحديثة لأنها تنافس العلوم العربية، وتضيف إليها ما ليس منها، وهم يودون ألا يحصروا الدين والعلم والسيادة جميعا في العرب، وألا يستأثر العرب دونهم بكل مأثرة وفضيلة، وقد يشعرون بهذا القصد أو لا يشعرون، ولكنهم حريون أن تميل بهم ضمائرهم هذا الميل إذا وقع التنافس بين العرب والشعوبية، والتمست المفاخر من الجانبين.
অজানা পৃষ্ঠা