ইবন রুমি: তার কবিতা দিয়ে তার জীবন
ابن الرومي: حياته من شعره
জনগুলি
تغسل الأرض بالدماء فتضحى
ذات طهر ترابها كالملاب
من كلاب نأى بها كل نأي
عن وفاء الكلاب غدر الذئاب
لا جرم يكون ذلك العصر عصر الحيرة والانتظار، ولا جرم تتأهب فيه النفوس لدعوة الجماعات السرية، وتتعلق الآمال بالمهدي المنتظر والمصلح الأكبر الذي يغسل الأرض بالدماء، ولا جرم يكون ذلك العصر هو عصر بابك الخرمي، وداعية الزنج والقرامطة، وغيرهم من الثوار وأصحاب المذاهب الذين كانوا يمزجون المقاصد الاجتماعية بالمقاصد الدينية، ويعالجون الترفيه عن الفقراء المنزوفين بالدعوة إلى المساواة، والتمرد على الحكام، وكان ذلك على أكثره في بلاد الفرس، حيث بقي الفلاحون كما كانوا في عهد الأكاسرة يسامون سوم الأنعام، ويستنزفون كما كان يستنزفهم الأمراء والملوك والمؤلهون في غابر الأزمان، ثم كان ذلك على أكثره في المرافئ والثغور حين تكثر الحركة، ويزدحم العمال والصناع، ويرتفع السعر، ويشتد التنافس بين الطبقات.
على أن هذه الأحداث كانت تمر بالدولة وهي باقية سليمة منها بعض السلامة؛ لأنها - كما أسلفنا - كانت تتلقاها متفرقة في الأماكن والأوقات، وكان شغب الشاغبين يوصم بالكفر والإفساد في الأرض، ويسمى القائم به تارة باسم الفاسق، وتارة أخرى باسم المارق أو الفاجر أو الخبيث، فينسى اسمه الأول ولا يذكر إلا بهذا الاسم المنتحل، وكانت هذه الثورات بتراء ليست لها وجهة مرسومة، ولا خطة معلومة، فكانت تعوزها عناصر الدعوة المشروعة المستجابة التي تلتف بها الجماهير، وتستبسل فيها، فلا توشك الثورة أن تستفحل حتى تفتر وتضمحل، وتثوب الأمور إلى نصابها.
هذا والقصور سادرة في غيها قلما تحس لهذه المشكلات الاجتماعية أثرا، أو تتحرك لعلاج أسبابها الدفينة إلا في العهد بعد العهد، والصحوة بعد الصحوة، ولا تراها فيما عدا ذلك إلا غارقة في بذخها مفتنة في زينتها ولهوها: المهندسون والمزخرفون والمطربون والطهاة، والندماء يستبقون في تجويد أساليب المعيشة، وجلب ألوان المسرة، ومجالس الطرب تدخل على المجتمع العالي بعرف جديد من الآداب والأذواق، فلا يكون الأدب إلا أدبها، ولا الذوق إلا ذوقها، ولا يحسب الوزير وزيرا ولا الرئيس رئيسا إن لم يكن مع ذلك نديما يحسن المجالسة والمفاكهة، ويصلح للمجلس قبل صلاحه لسياسة الدولة، فأصبحت المنادمة باب السلوك إلى الملوك، وسلم الوصول إلى الحظوة عندهم والدالة عليهم، والنقض والإبرام في شئون الدولة بالزلفى إلى أهوائهم، واحتاج إلى علم هذه الصناعة كل ذي خطر في الدولة لما كان عسى أن يحتاج إليه من الترويج عن الخليفة، وحسن المدخل عليه في ساعات صفوه وغضبه، ونوبات إقباله وإعراضه.
وكان أعلى ما يرجوه صاحب العلم والأدب والفضل والكياسة أن يصبح نديما لملك، أو مربيا لابن ملك. وهما عملان متقاربان متشابهان في الآلة والكفاءة، ولم يكن من السهل أن يحذقهما الأديب؛ لأنهما صناعة تجمع صناعات، وفن يلم بشتى فنون، وإليك مثلا مما كان يعرفه النديم الذي كان يرتقي به الحظ إلى مجالسة الأمراء والخلفاء، نقل ياقوت في معجم الأدباء عن أمالي جحظة النديم أن يزيد بن محمد المهلبي قال: «كنت أرى علي بن يحيى المنجم، فأرى قبح صورته، وصغر خلقته، ودقة وجهه، وصغر عينيه، وأسمع بمحله من الواثق والمتوكل فأعجب من ذلك وأقول: بأي سبب يستظرفه الخليفة؟ وبماذا حظي عنده والقرد أملح من قباحته؟
فلما جالست المتوكل رأيت علي بن يحيى قد دخل على المتوكل في غداة من الغدوات التي قد سهر في ليلتها بالشرب وهو مخمور يفور حرارة يستثقل لكل أمر يخف دون ما يثقل، فوقف بين يديه وقال: يا مولاي، أما ترى إقبال هذا اليوم وحسنه، وإطباق الغيم على شمسه، وخضرة هذا البستان ورونقه، وهو يوم تعظمه الفرس وتشرب فيه؛ لأنه هرمزروز - يوم هرمزد إله الخير - وتعظمه غلمانك وأكرتك مثلي من الدهاقين، ووافق ذلك يا سيدي أن القمر مع الزهرة، فهو يوم شرب وسرور وتجل بالفرح، فهش إليه وقال: ويلك يا علي! ما أقدر أن أفتح عيني خمارا.
فقال: إن دعا سيدي بالسواك فاستعمله، وغسل بماء الورد وجهه، وشرب شربة من رب الحصرم، أو من متنة مطيبة مبردا ذلك بالثلج انحل كل ما يجد. فأمر بإحضار كل ما أشار به، فقال علي: يا سيدي، وإلى أن تفعل ذاك تحضر عجلانيتان بين يديك مما يلائم الخمار، ويفتق الشهوة، ويعين على تخفيفه، فقال: أحضروا عليا كل ما يريد، فأحضرت العجلانيتان بين يديه، وفراريج قد صففت على أطباق الخلاف، وطبخ حماضية وحصرمية ومطجنة
অজানা পৃষ্ঠা