حتى تقوم حجته على الثقلين من الإنس والجان، وأسند إلى نبيه ﷺ مهمة التبليغ للقرآن والبيان، فقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] .
فَقَامَ ﷺ بهذه المهمة أحسن قيام، وَنَصَحَ للخلق وأرشدهم إلى الطريق الموصلة إلى طاعة الرحمن، وَحَذَّرَهُم من سلوك سبل الغِوَايَة والخسران، فقامت به الحجة، وتمت به النعمة والمنة، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] .
وقد كان بيانه ﷺ وَسُنَّتُهُ وحيًا من الله ﷿، قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٣، ٤]، فالله عزوجل قد أرسله بالكتاب والسنة جميعًا، كما قال سبحانه: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِه﴾ [البقرة:٢٣١] . فالحكمة: هي السُّنَّةُ المبينةُ على لسان رسول الله ﷺ مرادَ الله ﷿ بما لم ينص عليه في الكتاب١.
وقال ﷺ: "ألا إني أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ.." ٢.
فَدَلَّ ذلك على أنه أوتي السُّنَّةَ كما أوتي القرآن، وأن الكتابَ والسنةَ قرينان لا ينفصلان، وبذلك تكون السنةُ داخلةً في الوعد الذي