128

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ويقول في موضع آخر: ((لا نشهد على أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح، ونخاف على المسيء المذنب، ونرجو له رحمة الله، ومن لقي الله بذنب تائباً غير مصر عليه، فإن الله يتوب عليه، ويقبل التوبة من عباده، ويعفو عن السيئات، ومن لقيه، وقد أقيم عليه حد ذلك في الدنيا عن الذنوب التي قد استوجبت بها العقوبة فأمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له))(١)

ويقول أيضاً في دستور الإيمان: ((لا يكفر أحداً من أهل التوحيد، وإن عملوا بالكبائر))(٢)

ويندد بالمعتزلة، إذ ينقل عنهم أنهم يكفرون مرتكبي الذنوب، فيقول: ((وأما المعتزلة فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم أنهم يكفرون بالذنب، فمن كان منهم كذلك فقد زعم أن آدم كافر، وأن أخوة يوسف حين كذبوا أباهم كفار، وأجمعت المعتزلة أن من سرق حبة -في النار تبين منه امرأته، ويستأنف الحج إن كان حج))(٣)

ولسنا في مقام تحقيق قول أحمد عن رأي المعتزلة فلذلك موضعه من القول في غير هذا الكتاب(٤)، ومهما تكن حقيقة ذلك الرأي، فإن كلام أحمد هذا يدل بلا ريب على أنه رضي الله عنه يرى أن أهل القبلة لا يخلدون في النار بذنوبهم، بل أمرهم مفوض لربهم، فإن شاء عفا عنهم، وبرحمة منه كان العفو، وإن شاء عذبهم.

٧ - ولكن نرى في بعض المنقول عنه أنه يحكم بأن تارك الصلاة كافر، ويخص ذلك الذنب من بين الذنوب كلها بهذا الحكم، ويقرر ذلك في هذا المنقول عنه، إذ يقول: ((وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، من تركها فهو كافر، وقد أحل الله قتله))(٥)

وهذا النص فيه شيء من الغرابة، إذ خص الصلاة بتلك المزية، وقد نقل عنه، ولم يبين السند، ولعل الترك المذكور هو الترك المستمر الذي يشعر بالجحود، ومن جحد

(١)المناقب ص ١٧٤

(٢)المناقب ص ١٧٦

(٣)المناقب ص ١٦٨

(٤)راجع كلامنا عن المعتزلة في كتاب أبي حنيفة

(٥)المناقب ص ١٧٣

127