يقول الدكتور في مقدمته لكتاب الفصوص:
4 «إن القضية الكبرى التي تدور حولها فلسفة محيي الدين، والتي ملكت عليه زمام تفكيره، هي نظرية وحدة الوجود.»
ثم يقول: «ولم يكن لمذهب وحدة الوجود، وجود في الإسلام في صورته الكاملة قبل ابن عربي؛ فهو الواضع الحقيقي لدعائمه، والمؤسس لمدرسته، والمفصل لمعانيه ومراميه، والمصور له بتلك الصورة النهائية التي أخذ بها كل من تكلم بهذه المذاهب من المسلمين من بعده.»
ثم يقول: «إن الأقوال المأثورة عن أبي يزيد البسطامي والحلاج، بل عن ابن الفارض المعاصر لابن عربي،
5
ليست في نظري دليلا على اعتقادهم في وحدة الوجود، بل على أنهم كانوا رجالا فنوا في حبهم لله عن أنفسهم، وعن كل ما سوى الله، فلم يشاهدوا في الوجود غيره؛ وهذه وحدة شهود، لا وحدة وجود. وفرق بين فيض العاطفة وشطحات الجذب، وبين نظرية فلسفية في الإلهيات، أي: فرق بين الحلاج الذي صاح في حالة من أحوال جذبه بقوله: «أنا الله.» أو بين ابن الفارض الذي أفناه حبه لمحبوبه عن نفسه، فلم يشعر إلا بالاتحاد التام به، فقال:
متى حلت عن قولي: «أنا هي.» أو أقل
وحاشا لمثلي! إنها في حلت
أقول: فرق بين هذين الرجلين وبين ابن عربي، الذي يقول في صراحة لا مواربة فيها ولا لبس، معبرا لا عن وحدته بالذات الإلهية، ولا عن فنائه في محبوبه، بل عن وحدة الحق والخلق.»
ومن عجب أن الدكتور يأتي بمشهد لمحيي الدين من كتابه «شجرة الكون»، بمشهد يتكلم فيه محيي الدين على لسان العرش، وهو يسبح بحمد الله، ويتغنى بمحامده وجلاله، وكل شيء في الكون يسبح بحمد الله سيده ومولاه؛ ليتخذ منه دليلا عجبا على وحدة الوجود.
অজানা পৃষ্ঠা