قالت بنيته: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أرى سحابًا دواني وسحابًا تواني. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أراها كبطون الأتن القمر في المرابط الغبر. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أرى سحابًا دون سحاب كأنه نعام يعلق بالأرجل. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: أراها سحابًا أكاد أدفعه بيدي. قال: ارعي، لا بأس عليك. فرعت ساعة ثم قالت: يا أبه، إني أخاف المطر. قال: وما الذي ترين؟ قالت: قد انتصبت واسلنطحت وابيضت. قال: ويحك، انجي، ولا أظنك ناجية. فلم يبلغا آخر الوادي حتى سال أوله.
معنى قولها: سحابًا دون سحاب، تريد بذلك: الرباب من السحاب، وهو الذي يصفه الشاعر:
كأن الرباب، دُوَيْنَ السحاب ... نعام تعلق بالأرجل
ومعنى اسلنطحت: انبسطت.
وروي أيضًا أن رجلًا من العرب كان قد كبر، وكان في داخل بيته، وكان ابنه تحت السماء، فقال لابنه: يا بني، كيف ترى السماء؟ قال: أراها قد نكَّبت وتبهرت، وأرى بروقها أسافلها. قال: أخلقت.
قوله: نكبت: أي عدلت. وتبهَّرت: أي تقطعت من البُهر.
1 / 30