(195) ويلحق كل ما نسأل عنه بحرف " أي " أن نكون قد عرفناه بشيء يعمه وغيره، ونلتمس أن نعرفه مع ذلك بما يخصه ويميزه عن غيره المشارك له في الشيء العام الذي عرفناه به. ونرى عند سؤالنا عن الشيء بحرف " أي " أن المعرفة الناقصة هي معرفتنا له بما يعمه وغيره وبما يتميز به عن غيره، والتي هي أكمل أن نعرفه بما يخصه دون غيره وبما يتميز به عن غيره. فإن تقييدنا الجنس بالفصل ليس يبقي الجنس مشتركا له ولغيره بل يجعلهخاصا به، وإنما يصيره خاصا به من حيث هو مقيد به. وأما عند سؤالنا بحرف " ما هو الشيء " فإنا نرى أن المعرفة الناقصة هي أن نكون عرفنا المسؤول عنه بما هو خارج عن ذاته من الأعراض، ونلتمس معرفته بما هو ذاته أو بجزء ذاته، أو نكون عرفناهبأعم ما تعرفنا ذاته معرفة مجملة وبأبعد ما به قوام ذاته وبأبعد ما به قوامه، ونطلب معرفة ذاته بأخص ما تعرفنا ذاته وبأقرب ما هو ذاته، أو نكون عرفنا ذاته معرفة مجملة ونطلب منه ذاته ملخصة بأجزائه التي بها قوام ذاته.
(196) وقد يستعمل حرف " أي " سؤالا في أمكنة خارجة عن هذه التي أحصيناه. وهو أن يستعمل سؤالا يلتمس به أن يعلم على التحصيل واحد من عدة محدود معلومةعلى غير التحصيل، كانت العدة اثنين أو أكثر - مثل قولنا " أي الأمرين نختار، هذا أو هذا " ، " أي هذه الثلاثة نختار " ، " أي الرجلين خير، زيد أو عمر " ، " أي الأمور آثر، اليسار أو العلم أو الرئاسة " ، " العالم أي هذين هو، كري أم غير كرى " ، " زيد أي الرجلين يوجد، صالحا أو طالحا " ، " الشمس في أي البروج الاثنين " ، " عمرو - أو زيد - في أي البلدين هو. الشام أو العراق " . فإن هذه كلها يكون السائل قد علم الواحد على غير التحصيل من كل عدة، وهو بهذه الحال على التحصيل. فإن ما تشتمل عليه العدة إذا أقرن بكل واحد منها حرف إما دل على أن واحدا منها معلوم على غير التحصيل. فما يدل عليه حرف إما عند الخبر عنه هو الذي إذا قرن به حرف " أي " كان سؤالا يطلب به أن يعلم على التحصيل ذاك الذي يدل عليه قبل ذلك الحرف إما أنه معين على غير التحصيل. فإنه قد علم أن الشمس من البروج هي في واحد منها على غير التحصيل، والتمس أن يعلم ذلك الواحد منها على التحصيل. ويكون الإنسان قد علم أن زيدا في واحد من هذين الموضوعين المعروفين عنده على غير التحصيل، فطلب بحرف " أي " أن يعلم ذلك الواحد منهماعلى التحصيل. وكذلك قد علم أن العالم يوجد له أحد هذين الحالتين - إما كري وإما غير كري - على غير التحصيل، والتمس بحرف " أي " أن يعلم على التحصيل الواحد الذي يوجد له.
(197) وليس يصح السؤال ههنا إلا على عدة محدودة، فإذا سقطت العدة يرجع السؤال إلى بعض ما تقدم مما علم بجنسه وجهل بنوع الذي هذا جنسه. مثل أنا لو قلنا - مكان قولنا " العالم أي هذين هو، كري أم غير كري " - " شكل العالم أي شكل هو " ومثل أن لو قلنا - مكان قولنا " زيد أي هذين هو، صالح أو طالح " - " سيرة زيد أي سيرة هي " أو قلنا - مكان " أي الأمور الثلاثة آثر، اليسار أو العلم أو الكرامة " - " والأمر الآثر أي أمر هو " ، لكان الجواب بما تميز به المسؤول عنه عن غيره على مثال الجواب عن السؤال عن " هذا المحسوس أي حيوان هو " أو عن قولنا " الحيوان الذي باليمن أي حيوان هو " و" مال فلان أي مال هو " و" حال فلان أي حال هي " ، وكان الجواب عن هذه كلها إما بنوع ما نسأل عنه أو بحد ذلك النوع أو برسمه. وبكل هذا فإنه يتميز ما عنه نسأل عما سواه من المشارك له في الجنس الذي عنه نسأل. وجملة ما يطلب بحرف " أي " ذلك الأخير إذااستعمل سؤالا عن شيء علم بما يشارك فيه غيره شيئان. أحدهما أن حرف " أي " يطلب به فيما علم بما يعمه ويعم غيره أن يعلم بما ينحاز به وحده عن غيره. والثاني أن حرف " أي " يطلب به علامة خاصة في المسؤول عنه يتميز بها عن شيء ما آخر فقط وفي وقت ما فقط .
পৃষ্ঠা ৬৩