(179) والمحمول على موضوع ما بطريق ماهو وعلى موضوع آخر لا بطريق ماهو، إن كان موضوعه الذي يحمل عليه من طريق ماهو كان يحمل أيضا على موضوع دونه بطريق ماهو، فإن ذلك الموضوع يحمل على شيء آخر لا بطريق ماهو، لأنه إن لم يكن كذلك كان محمولا معقول ما ليس بعرض، فيكون جوهرا على الإطلاق، وذلك محال. وإن كان موضوع هذا الموضوع يحمل أيضا على شيء دونه بطريق ماهو، فإنه يكون محمولا أيضا على شيء ما آخر لا بطريق ماهو، إلى أن ينتهي على هذا الترتيب إلى الموضوع الذي لا يحمل على شيء دونه أصلا بطريق ماهو. فيبين في العميق أيضاالى أن ذلك الذي ينتهي في العمق لا يمكن أن يكون محمولا على شيء بطريق ماهو. فيكون ذلك عرضا بالإطلاق، إذ كان محمولا ولم يكن له حمل ما على موضوع أصلا بطريق ماهو. وإن كان موضوعه الذي يحمل عليه لا بطريق ماهو أمرا لا يحمل على موضوع أصلا ولا بوجه من الوجهين، فقد تناهى في العرض وانتهى إلى الجوهر على الإطلاق. وإن كان أمرا يحمل على موضوع، وكان أي موضوع حمل عليه حمل عليه بطريق ماهو، فقد تناهى أيضا إلى الجوهر المحمول على جوهر آخر، الذي ينتهي في آخر الأمر إلى الموضوع الأخير. وإن كان أمرا يحمل على موضوع ما بطريق ماهو، وعلى أمر آخر لا بطريق ماهو كانت الحال فيه تلك الحال بعينها إلى أن ينتهي في العمق إلى العرض الذي لا يحمل على شيء دونه حمل ماهو، بل يحمل لا بطريق ماهو. وليس يمكن ذلك أو تكون تلك الموضوعات موضوعات ما إذا عقلت يكون معقولها ذلك الأول، فيعود الأمر ويصير ذلك محمولا على هذه بطريق ماهو، ولا سبيل إلى ذلك. فإذن لا يمكن أن يكون ذلك موجودا لموضوع يحمل أصلا على شيء حمل ماهو. فإن كان ذلك الشيء يحمل لا من طريق ماهو على شيء ما، فإن ذلك الشيء أيضا تكون حاله هذه في أنه لا يمكن أن يحمل على شيء أصلا بحمل ماهو، بل إن كان ولا بد يحمل لا من طريق ماهو، إلى أن ينتهي عى هذا الترتيب إلى موضوع لا يمكن أن يحمل حملا أصلا لا بطريق ماهو ولا حملا لا بطريق ماهو. فينتهي إذن إلى الجوهر على الإطلاق. فيكون ذلك موضوعا أخيرالكل ما يحمل عليه لا من طريق ماهو ولكل ما يحمللا من طريق ماهو.
(180) وإذا تأملنا المسؤول عنه بحرف " ما " على القصد الأول وجدناه الموضوع الأخير الذي وجدناه بالسياق القول بعضه إلى بعض. وذلك أنا إذا قلنا " ما هذا المرئي " و" ما ذاك الذي نراه يتحرك " و" الذي نراه أسود " ، فإنا نعتقد في كل شيء نحسه فيه أنه ليس يعرف ذات المسؤول عنه. ولاأيضا نسأل عنه كما قلنا من جهة ما هو مرئي أومن جهة ما هو يتحرك أو من جهة ما هو أسود، لكن إنما نسأل على القصد الأول عن الشيء الذي ندرك فيه بالبصر هذه الأشياء أو أحدها. وذلك الشيء لا نعتقد فيه أنه صفة لغيره، وإلا لكانت مسألتنا تكون على ذلك الذي هذا صفة له وجعلناه أيضا علامة لذلك الشيء، كما جعلنا الحركة او السواد علامة له. ولا أيضا نعتقد فيه أنه يحمل من طريق ما هو على شيء أصلا. فإن كان هكذا فليس بمحسوس ولا الذي يحسه بخطر بباله في الذي حس به أنه كذلك. فإذن المسؤول عنه على القصد الأول هو الموضوع الأخير الذي أبانه لنا القول المنساق بعضه على إثر بعض.
(181) والقدماء يسمون الموضوع الأخير وكلياته المحمولة عليه من طريق ما هو " الجوهر " على الإطلاق، وسائر المحمولات على الموضوع الأخير التي تحمل عليه لا بطريق ماهو - كانت كليات أو لم تكن كليات - والمحمولات على كليات الموضوع الأخير لا بطريق ماهو " الأعراض " ، وذلك إذا حملتعلى الجواهر، لأنها تحمل عليهالا من طريق ماهو.
(182) فهذه هي الأشياء التي أعطانا وأفادنا تأملنا حرف " ما هو " المستعمل في السؤال في جل الأمكنة التي لأجلها زضع هذا الحرف. وهذا الحرف قد يستعمل في الإخبار ويستعمل استعارة ويستعمل مجازا. وسينظر فيه أيضا في الأمكنة الأخر التي فيها يستعمل، وسينظر فيه أيضا عند المقايسة بينه وبين سائر حروف السؤال في الأمكنة التي لأجلها وضع هذا الحرف.
الفصل الثامن والعشرون:
حرف أي
পৃষ্ঠা ৫৮