(93) والموجود الذي يعنى به ما له ماهية ما خارج النفس، منه موجود بالقوة ومنه موجود بالفعل. وما هو موجود بالفعل ضربان، صرب غير ممكن أن لا يكون بالفعل ولا في وقت من الأوقات أصلا - فهو دائمابالفعل - ومنه ما قد كان لا بالفعل، وهو الآن بالفعل، وقد كان قبل أن يكون بالفعلوقد كان موجودا بالقوة. ومعنى قولنا " موجود بالقوة " أنه مسدد ومعد لأن يحصل بالفعل. ومل هو مسدد ومعد لأن يحصل بالفعل منه ما هو مسدد ومعد لأن يحصل بالفعل فقط من غير أن يكون تسديده واستعداده لذلك استعدادالأن لا يحصل بالفعل أو لأن يحصل بالفعل ولأن لا يحصل بالفعل، بل يكون استعداده استعدادا مسددا نحو الفعل فقط، ومنه ما هو مسدد ومستعد أن يحصل بالفعل أو لا يحصل. فالموجود بالقوة فإن قوته تنقسم إلى هذين. ولا فرق بين أن نقول " القوة " أو " الإمكان " . فإن ما هو موجود بالقوة منه ما هو بقوته وإمكانه مسدد نحو أن يحصل بالفعل فقط، ومنه ماهو مسدد أن يحصل بالفعل وألا يحصل، فيكون مسددا لمتقابلين. وما هو مسدد في ذاته لأن يحصل بالفعل فقط فإنه ضربان، ضرب معرض للعوائق الواردة من خارج، وضرب لا عائق له أصلا، وما لا عائق له أصلا من خارج من هذين فإنه سيكون لا محالة يحصل بالفعل. مثل إحراق النار للحلفاء التي تماسها، فإن النار فيها قوة الإحراق فقط وليست هي مسددة لأن تحرق ولا تحرق، ولكن لما كانت معرضة للعوائق عن الإحراق صارت ربما أحرقت وربما لم تحرق. وأما كسوف القمر فإن قوته التي هو بها مستعد لأنينكسف، هو بها مسدد لأن ينكسف عند الاستقبال في العقدة، وغير معرض لعائق من خارج أصلا. فلذلك إذا قابل الشمس عند إحدى العقدتين انكسف لا محالة. وهذه أشياء قد لخصت في الفصل الثالث من كتاب " باري ارميناس " .
(94) وما هو موجود بالقوة لم تجري عادة الجمهور فيه أن يسموه موجودا بل يسموه غير موجود ما داموا يعبرون عنه بلفظ الموجود. وإنما يسمون بلفظ الموجود ما كانت ماهيته التي بالفعل صادقة - ولا يسمون ما كانت ماهيته صادقة وماهيته بعد بالقوة موجودا - فإن هذا هو الأسبق إلى نفوسهم من لفظ الموجود . فأما إذا نطقوا عن أنواع ما يقال فيه على العموم إنه موجود جعلوا العبارة عنه حين ما هو بعد بالقوة باللفظة التي يعبرون بها عنه وهو بالفعل. وذلك مثل " الضارب " و" القاتل " و" المضروب " و" المبني " و" المقتول " . فإنهم يقولون " فلان مضروب - أو مقتول - لا محالة " ، وذلك من قبل أن يضرب، إذا كان مستعدا لأن يضرب في المستقبل. وكذلك يقولون " ما ببلاد الهند من الأشجار مرئية " يعنون به معرضة لأن ترى. وكذلك يقولون " إن الإنسان ميت " أو " زيد ميت " يعنون به معرض للموت. وذلك من قبل أن يموت. فيجعلون العبارة في جزئيات ما هو بالقوة حينا وبالفعل حينا بألفاظ واحدة بأعيانها، ويجعلون اللفظ الدال على ما هو بعد بالقوة هو بعينه اللفظ الدال على ما هو منه حاصل بالفعل. فاتبع الفلاسفة في لفظةالموجود المقولة على جميع هذه العموم حذوهم في جزئيات ما يقال عليه الموجود بأن سموا ما هو منه بعد القوة باسم ما هو منه بالفعل، فسموه الموجود في الوقتين جميعا، وفصلوا بينهما بما زادوه من شريطة القوة والفعل، فقالوا " موجود بالقوة " و" موجود بالفعل " . وقد يقال " إنه موجود لا بالقوة " وقد يقال " إنه غير موجود بالقوة " ، فإليك أن تنطق عنه بأي العبارتين شئت. وكذلك فيما هو موجود بالقوة، إن شئت قلت فيه " إنه موجود لا بالفعل " وإن شئت قلت " إنه غير موجود بالعفل " .
পৃষ্ঠা ৩০