(88) الموجود لفظ مشترك يقال على جميع المقولات - وهي التي تقال على المشار إليه - ، ويقال على كل مشار إليه، كان في موضوع أو لا في موضوع. والأفضل أن يقال إنه اسم لجنس جنس من الأجناس العالية على أنه ليست له دلالة على ذاته، ثم يقال على كل ما تحت كل واحد منها على أنه اسم لجنسه العالي، ويقال على جميع أنواعه بتواطؤ - مثل اسم العين، فإنه اسم لأنواع كثيرة ويقال عليها باشتراك - ، ثم يقال على كل ما تحت نوع نوع بتواطؤ على أنه اسم أول لذلك النوع، ثم لكل ما تحت ذلك النوع على أنه يقال عليها بتواطؤ. وقد يمكن أن يقال إنه اسم يقال باشتراك على العموم على جميع جنس جنس من الأجناس، ثم هو اسم لواحد واحد مما تحته يقال عليه بالخصوص. وقد تلزم هنا شنعة ما، فلذلك آثرنا ذلك الأول، إلا أن يكون بنوع من الإضافة. وقد يقال على كل قضية كان المفهوم منها هو بعينه خارج النفس كما فهم، وبالجملة على كل متصور ومتخيل في النفس وعلى كل معقول كان خارج النفس وهو بعينه كما هو في النفس. وهذا معنى أنه صادق، فإن الصادق والموجود مترادفان. وقد يقال على الشيء " إنه موجود " ويعنى به أنه منحاز بماهية ما خارج النفس سواء تصور في النفس أو لم يتصور. والماهية والذات قد تكون منقسمة وقد تكون غير منقسمة. فما كانت ماهيته منقسمة فإن التي يقال إنها ماهيته ثلاثة، إحداها جملته التي هي غير ملخصة، والثانية الملخصة بأجزائها التي بها قوامها، والثالثة جزء جزء من أجزاء الجملة كل واحد بجملته على حياله. فجملته ما دل عليه اسمه، والملخصة بأجزائها ما دل عليه حده، وجزء جزء من أجزائها جنس وفصل كل واحد على حياله أو مادة وصورة كل واحدة على حيالها. وكل واحدة من هذه الثلاثة يسمى الماهية والذات. وبالجملة فإنما يسمى الماهية كل ما للشيء، صح أن يجاب به في جواب " ماهو هذا الشيء " أو في جواب المسؤول عنه بعلامة ما أخرى - فإن كل مسؤول عنه " ماهو " فهو معلوم بعلامة ليست هي ذاته ولا ماهيته المطلوبة فيه بحرف ما. فقد يجاب عنه بجنسه، وقد يجاب عنه بفصله أو بمادته أو بصورته، وقد يجاب عنه بحده، وكل واحد منها فهو ماهيته المنقسمة. وتنقسم إلى أجزاء. فإن كان ماهية كل واحد من أجزائها منقسمة، فتنقسم أيضا إلى أجزاء، حتى تنقسم إلى أجزاء ليس واحد منها ينقسم، فتكون ماهية كل واحد منها غير منقسمة.
(89) فالموجود إذن يقال على ثلاثة معان: على المقولات كلها، وعلى ما يقال عليه الصادق، وعلى ما هو منحاز بماهية ما خارج النفس تصورت أو لم تتصور. وأما ما ينقسم حتى تكون له جملة وملخص تلك الجملة فإن الموجود والوجود يختلفان فيه، فيكون الموجود هو بالجملة - وهي ذات الماهية - والوجود هو ماهية ذلك الشيء الملخصة أو جزء جزء من أجزاء الجملة إما جنسه وإما فصله، وفصله إذ كان أخص به فهو أحرى أن يكون وجوده الذي يخصه. ووجود ما هو صادق فهو إضافة ما للمعقولات إلى ما هو خارج النفس. والموصوف بجنس جنس من الأجناس العالية فوجوده هو جنسه، وأيضا هو داخل في معنى الوجود الذي هو الماهية أو جزء ماهية، فإن جنسه هو جزء ماهيته وهو ماهية ما به ، وإنما يكون ذلك في ماماهيته منقسمة. وكل ما كانت ماهيته غير منقسمة فهو إما أن يكون موجودا لا يوجد وإما أن يكون معنى وجوده وأنه موجود شيئا واحدا، ويكون أنه وجود وأنه موجود لا يوجد وإما أن يكون معنى وجوده وأنه موجود شيئا واحدا، ويكون أنه وجود وأنه موجود معنى واحدا بعينه. فالموجود المقول على جنس جنس من الأحناس العالية فإن الوجود والموجود فيها معنى واحد بعينه. وكذلك ما ليس في موضوع ولا موضوع لشيء أصلا فإنه أبدا بسيط الماهية، فإن وجوده وأنه موجود شيء واحد بعينه.
(90) وظاهرأن كل واحد من المقولات التي تقال على مشار إليه هي منحازة بماهية ما خارج النفس من قبل أن تعقل منقسمة أو غير منقسمة. وهي مع ذلك صادقة بعد أن تعقل، إذ كانت إذا عقلت وتصورت تكون معقولات ما هو خارج النفس. فيجتمع فيها أنها موجودات بتينك الجهتين الأخرتين. فيحصل أن تكون ترتقي معاني الموجود الى معنيين: إلى أنه صادق وإلى أن له ماهية ما خارج النفس.
পৃষ্ঠা ২৮