হুরুফ লাতিনিয়্যা
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
জনগুলি
أولا:
إلى أن الكلام هو في رسم لغتنا العربية الذي ضقنا به وأحسسنا بضرورة إصلاحه، فإذا كان في رسم الإنجليزية أو الفرنسية أو غيرهما عيوب يصبر أهلها عليها ولا يتجهون لإصلاحها، فليس لأحد حق في أن يقول لنا كفوا عن إصلاح شأنكم؛ لأن لكم أسوة بأهل تلك اللغات. وهل سمعت أن أناسا تبلغ بهم الجرأة لأن يقولوا للمريض لا تطلب العلاج ومت بدائك ما دام كثير ممن هم مرضى مثلك يموتون بدائهم ولا يطلبون له العلاج؟ لكن حضرة المحاضر يعطي نفسه هذا الحق الجريء الذي لم يمنحه له الله، ولم تخوله إياه بيئة العلم التي يعمل فيها، بل ولا ورقة الدكتوراه التي بيده، بل ولا يسيغه العقل الإنساني الساذج البسيط.
وثانيا:
إلى أن أولادنا إذا استطاعوا حفظ شواذ الإنجليزية أو الفرنسية، فمن المستحيل عليهم حفظ شواذ العربية؛ لأن كل كلماتها طلاسم شواذ؛ لعدم وجود حروف الحركات التي يشير حضرته في صدر عبارته إلى أن الكتابة المثلى هي ما تدل عليها فيما تدل. فكلام حضرة المحاضر متخاذل ينقض أوله آخره.
إن الذي كنت أنا وغيري ننتظره من العلماء، إنما هو دقة العلماء، وألا يلجئوا إلى الأدلة الخطابية التي لا قيمة لها، بل يتركونها لي أنا وغيري من غير العلماء.
ومن أطرف ما رأيته من الأدلة الخطابية أن حضرة المحاضر بعد ما تقدم مما لا فائدة فيه، قال ما حاصله: «ولكن العربية إذا أمليت شيئا منها على إنسان كاتب فإن هذا الإنسان يكتبها تماما بدون أن يخطئ، اللهم إلا فيما يتعلق بالمختلف عليه من رسم الهمزة ووضع الألف بعد واو الجماعة ونحو هذا. بل إذا أمليت هذا الإنسان شيئا من الفارسية أو التركية - المرسومتين بالرسم العربي - فإنه يكاد يكتبه كتابة مضبوطة وإن لم يفهم معنى كلمات تينك اللغتين.» ثم أتبع هذا بقوله: «إننا إذا كنا سمعنا استنكارا للألف بعد واو الجماعة، أو نزاعا في واو عمرو، فإن الرسم الأوروبي بقي مصونا من استنكارنا بالدول والأساطيل والطائرات والهيبة والفتنة اللتين تأخذاننا من كل جانب.»
مرحى! مرحى! هنا خلع العلم ثوبه وارتدى ثوبا سداه الوطنية اللفظية، ولحمته أناشيد أرباب الحناجر.
إن حضرة المحاضر في هذه القطعة ينسى نفسه تماما، إنه لا يكتفي بالمرور مر الكرام، أو مر السحاب الجهام على الموضوع المنتظر منه الكلام فيه، بل هو يقلب هذا الموضوع رأسا على عقب، بل يطرده من الميدان طردا. إن أحدا لم يشك لحضرة المحاضر ولا لغير حضرة المحاضر من أن الكاتب بالعربية لا يستطيع أن يكتب ما يسمعه، ما شكا أحد هذا إليه قط؛ لأن أحدا - حتى ولا «عطية» كاتب الزراعة الجهول - لا يكاد يخطئ في رص حروف النغمات بعضها تلو بعض على الترتيب الذي يسمعه، ما دام هو عارفا من قبل أن نغمات الباء والجيم والحاء والعين مثلا ترسم هكذا «ب، ج، ح، ع»، وأنها في هيكل الكلمات ترسم هكذا ، فمتى سمع بالعربية أو بغير العربية كلمة فيها جملة نغمات متعاقبة كتبها حتما بهذه الحروف متتالية؟ ويستحيل أن يخطئ في رص الحروف بعضها تلو بعض إلا إذا كان في أذنه وقر، أو كان ساهيا أو معتوها. لكن هذا ليس مورد المسألة، بل موردها أن هذا السامع الذي يستحيل أن يخطئ في كتابة ما يسمع، هذا السامع متى كتب كان رسم كتابته رسما مشتركا يؤدي غرض المملي فلا يلاحظ عليه شيئا، ويؤدي في الوقت نفسه أغراضا أخرى بعيدة عن غرض المملي؛ بحيث إذا أتى قارئ من بعد فتناول الكتابة وهو يجهل أصل غرض المملي، ألفى هذه الكتابة مجرد حروف مشخصة لنغمات جوهرية متلاصقة، وألفى كل حرف منها قابلا لثلاث حركات مختلفة وقابلا فوقها للسكون، فلا يدري أية الحركات يعطيها للحرف منها ولا إن كان الواجب هو التسكين، بل إنه يتعثر في هذا ويخلط ويصحف بقدر ما تحتمله الحروف من التصحيف. هذا هو مورد المسألة، وهو المحظور الواقع فيه كل الناس، وهو المشكو منه، وهو الذي تسعى الحكومة ومجمع اللغة ورجال العربية في كل الأصقاع للعثور على دواء له غير «الشكل» الذي اتفق على إفلاسه كل المختصين.
أرأيت إذن كيف أن حضرة المحاضر عمد إلى الموضوع فجرجره وقذف به من حالق، وتصيد موضوعا آخر ما شكا منه أحد إليه وما انتظر أحد منه الكلام فيه؟
أخشى أن يقال إن حضرته إذ نبذ الموضوع الذي عليه الكلام، وأضاع وقته ووقت الناس سدى في موضوع آخر لا يختلف فيه اثنان، فإنه إنما فعل لغرض واحد؛ هو أن يرشح لكلمات: «الدول والأساطيل والطائرات والهيبة والفتنة اللتين تأخذاننا من كل جانب». وهنا ليسمح لي حضرته أن أقول له إن تلك الكلمات الدالة على التحسر القومي هي - كما أسلفت - من أناشيد الوطنية اللفظية، ولها منشدون كثيرون من غير رجال العلم، كما أن لها مواضع أخرى غير هذا الموضع تقال فيه.
অজানা পৃষ্ঠা