جاءت السيدة الأخرى التي كانت تجلس بمفردها أيضا، ووقفت خلفهما.
وقالت: «لن يكون شيئا كبيرا، ربما فرع شجرة هو ما أعاق الطريق.»
ردت السيدة الأولى قائلة: «لكنهم لديهم ذلك الشيء الذي يضعونه أمام القطار، وهو يعمل على أن يزيح هذه الأشياء كفروع الأشجار التي تعيق الطريق أو ما شابه.» «ربما سقط لتوه.»
كانت السيدتان تتحدثان بنفس اللكنة؛ لكنة أهل شمال إنجلترا، ودون اللياقة التي تستخدم عادة مع الغرباء أو المعارف الجدد. وهنا أمعنت جولييت النظر إليهما، فخمنت أنهما قد تكونان أختين، رغم أن واحدة منهما كان لها وجه أعرض وأصغر. إذن فهما تسافران معا ولكنهما جلستا بمعزل إحداهما عن الأخرى، أو ربما دب نزاع ما بينهما.
كان محصل التذاكر يصعد الدرج إلى عربة المشاهدة، ثم استدار في منتصف المسافة ليتحدث. «ليس ثمة شيء خطير يبعث على القلق، أيها السادة، يبدو أننا قد ارتطمنا بشيء أعاق المسار. نحن نأسف لهذا التأخير، وسوف نستأنف المسير بأسرع ما يكون، لكننا سنمكث هنا لفترة قصيرة.» وقد أخبرني النادل بأنه سيتم تقديم بعض القهوة مجانا في غضون دقائق.
تبعته جولييت وهو يهبط الدرج؛ حيث أدركت بمجرد أن نهضت من مكانها أنها هي ذاتها تواجه مشكلة جعلت من الضروري أن تعود إلى مقعدها وحقيبة سفرها، سواء أكان الرجل الذي عاملته بازدراء موجودا أم لا. وبينما كانت تقطع طريقها عبر العربات، رأت الكثير من الأشخاص الذين يتحركون هنا وهناك؛ فقد كان منهم من يتزاحم ويتجمع عند النوافذ على أحد جانبي القطار، بينما توقف آخرون بين العربات كما لو أنهم يتوقعون أن يفتح القطار أبوابه، ولم يكن هناك وقت أمام جولييت لكي تطرح أي أسئلة، ولكن ترامى إلى مسامعها وهي تمر أنه قد يكون ما أعاق الطريق دب أو ظبي، أو بقرة. وتساءل الناس عما يمكن أن تفعله بقرة هنا في تلك الأدغال، أو عن سبب استيقاظ الدببة حتى الآن، أم تراه شخص ثمل قد غلبه النوم فوق القضبان؟
في غرفة الطعام التف الناس حول المناضد التي أزيحت عنها الشراشف البيضاء، وقد جلسوا يحتسون القهوة المجانية.
لم يكن هناك أحد يشغل مقعد جولييت، أو المقعد المقابل، فأخذت حقيبتها وهرعت إلى دورة مياه السيدات. لقد كانت الدورة الشهرية مصدر أذى لها طوال حياتها، لقد كانت تضايقها، في بعض الأحيان، أثناء امتحانات هامة تستغرق مدتها ثلاث ساعات، ولا تستطيع حينها مغادرة غرفة الامتحان لتغيير فوطتها الصحية.
جلست على المرحاض وهي تشعر ببعض الألم، وقد احمر وجهها، وانتابها القليل من الإعياء والدوار، ونزعت الفوطة الصحية الغارقة، ولفتها في ورق التواليت، ووضعتها في سلة المهملات، وعندما نهضت أخرجت الفوطة الجديدة من حقيبتها. وقد رأت أن الماء والبول في المرحاض قد اختلطا بالدماء. رفعت يدها لتضغط على زر صندوق طرد الفضلات، لكنها لاحظت بأن هناك تحذيرا يشير إلى عدم الضغط على الزر عندما يكون القطار متوقفا؛ وهذا ينطبق بالطبع في حالة توقف القطار بالقرب من المحطة، ويكون هناك عملية تفريغ، فيمكن للناس أن يروا الفضلات، وهذا شيء كريه، إلا أنها هنا يمكن أن تغامر وتضغط على الزر.
غير أنها سمعت أصواتا قريبة عندما كانت على وشك الضغط على الزر، ولكنها لم تكن صادرة من القطار ذاته، وإنما من خارج نافذة دورة المياه ذات الزجاج الخشن. ربما هم عمال القطار يسيرون خارجه ويتفقدون الطريق.
অজানা পৃষ্ঠা