রাসুলের রাজ্যের যুদ্ধ (প্রথম খণ্ড)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
জনগুলি
18
ومن ثم استنتج من التصنيف المشار إليه:
إن الوضع المالي والتجاري لأبناء القبيلة، أصبح يحتل المركز الأول من الاعتبار، فكان أن أصبح بنو عبد مناف وبنو عبد الدار في مقدمة قريش البطاح؛ لأنهم صاروا أوفر مالا وأعظم تجارة، ثم احتلت أمية في قريش الجاهلية الأخيرة مكان الصدارة، مذ أصبح فيهم أعظم التجار ثراء، وبسطت سلطانها المالي والتجاري على كثير من قبائل المنطقة العربية خارج مكة. وبفضل مركز أمية المالي والتجاري، فإن أمراء القوافل كانوا منهم.
19
ونرى من واجبنا هنا التوضيح - حتى لا يختلط الأمر - حيث كان بنو عبد مناف وبنو عبد الدار أبناء لقصي سيد مكة - المتقرشة - الأول، والمطلق النفوذ، والأكثر مالا، وكان طبيعيا أن يكون ورثته في مقدمة قريش البطاح، وليس كما ذهب «دلو» لكون وفرة مالهم الأساسي كانت من التجارة، وإنما لورثتهم ألوية التشريف والسيادة عن سلفهم «قصي»، مما أعطاهم فرصة الحصول على النصيب الكامل من المكوس الجمركية لبضائع الترانزيت المارة بمكة. وهي الألوية التي يشرف كل منها على لون من الخدمات المأجورة، التي كانوا يؤدونها للتجار المارين بمكة بقوافلهم، والتي حملت أسماء ألوية التشريف التي نظمها «قصي»، للحصول على النصيب الأعظم من المكوس، وتمثلت في (السقاية، والرفادة، والحجابة، والسدانة، واللواء، والندوة ... إلخ).
والاعتراض من جانبنا يقوم على حجة أن تلك المرحلة كانت قبل انتقال قريش إلى مرحلة التجارة لحسابها. إلا أن إشارة الكاتب «دلو»، التي تؤكد أن الوضع المالي لأبناء القبيلة قد أصبح يحتل الموقع الأول من الاعتبار، فهو الأمر الذي لا يمكن النزاع حوله.
ومع ذلك الثراء الذي أصابت حظوظه أفرادا من عشائر مكية مختلفة، ومع تحول هؤلاء النفر عن قبض العشور إلى التجارة لحسابها، ومع حجم تلك التجارة الهائل؛ كان طبيعيا، بل كان محتما، أن تبدأ الانقسامات الطبقية الحادة في الظهور بوضوح داخل القبيلة الواحدة، وهو ما انعكس بدوره على الوضع القبلي للقبائل الأخرى بالجزيرة، المرتبطة بحركة مكة التجارية، وهو ما كان العامل الأول في تهشيم الأسس القديمة لروابط القبيلة، وسيولة لزوجتها الجامعة لأفرادها، نتيجة للتطور التجاري، وما صاحبه من تقسيم للعمل، وتضخم ملكيات رءوس الأموال، مقابل فارق طبقي كبير، نتيجة لتفاوت توزيع الثروة، مع اختلاف الأوضاع والأدوار في العملية التجارية التي تقودها مكة، أو بالتحديد نفر متبعثر في قبائلها. شكل الأساس الاقتصادي المتين بينهم رابطة قيادية للعملية التجارية، فتوزعت الأدوار ما بين ملاك للمال، إلى أدلاء للقوافل، وحراس مسلحين، وعمال تشهيلات للشحن والتفريغ، وآخرين يبتهلون الفرص على الطريق لتقديم الخدمات الضرورية للقوافل، في نقاط محددة ومحطات قاموا بإنشائها على الطريق للترغيب في الاستراحة، وبيع خدمات الراحة. هذا إضافة إلى المتاجرين الصغار، وشيوخ القبائل الذين يتقاضون الإتاوات، ثم الأهم وهو انتشار التعامل النقدي بعملات الفرس والروم، وهو ما أدى جميعه لفوارق وتفاوت، فكك بالتدريج روابط النظام القبلي القديم، نتيجة حتمية لوجود العبيد والمعدمين على الطرف الآخر غير المستفيد من العملية التجارية القائمة داخل ذات القبيلة، ومن ثم بدأت قيم القبيلة القديمة تتراجع.
والمعلوم أن القيم القبلية القديمة، كانت تقوم على المساواة المطلقة، والامتلاك الجماعي لوسائل الإنتاج والثروة، ومن ثم توافقت معها علاقات الإنتاج. فكان الولاء الجماعي للقبيلة، وتماسك الكل في القبيلة مع أي فرد فيها مهما صغر شأنه ضد الكون جميعا، فهي تأخذ بثأره حتى لو تآكلت جميعا، ثم هو معها كترس في آلة عسكرية متحركة دوما، لا رابط لها سوى تلك اللزوجة الاجتماعية، والسلف المشترك العزيز على جميع نفوس الأفراد. فكانت القبيلة، وكان السلف، هو الوطن، وكان ذلك اللون من العلاقات الاجتماعية هو الضمان الوحيد لسلامتها كوحدة محاربة متنقلة.
ولكن بعد التطور السريع، واستقرار أكثر القبائل، خاصة القوية، على الطريق التجاري الرئيسي ، أو الطرق الفرعية، وظهور الفوارق الطبقية الحادة داخل القبيلة، لم تعد القبيلة مسئولة كل المسئولية عن الفرد فيها، وبدأت تظهر حالات خلع الأفراد الذين يمكن بحمقهم جلب الضرر للقبيلة التي شرعت في الاستقرار، فظهرت طائفة الخلعاء المتشردين. ثم من جانب آخر ظهرت جماعات الصعاليك، أولئك الأفراد الذين بدءوا بدورهم يرفضون المنطق الجديد، ويهجرون قبائلهم. وأخذ تراكم رأس المال لدى أفراد بذاتهم يفعل فعله في تحول الولاء عن القبيلة إلى الطبقة، كما أخذت قيم الولاء الجمعي تنداح مخلفة وراءها شكلا جديدا من العلاقات الاجتماعية الأكثر تطورا، تمثلت في الفردية التي اتضحت في إمكان تحدد قيمة الفرد دون جماعة، مع تحول قيمة الشرف عن النسب القبلي وعدد النفر إلى قدر ما يملك من مال، وهو ما أفصح عن نفسه في تكوين جيش العبيد والأحلاف والأحابيش، الذي كان مؤشرا بالغ الدلالة على بدء منطق جديد، يمكن فيه الاستغناء عن النفورة وعزة النفر القبلي، بعد أن بات ممكنا شراء النفر المسلح والمدرب، أو الحليف بالمصلحة المادية، وهو ما بدأ يخرج بالفرد عن القبيلة إلى التحالف المصلحي مع أفراد من قبائل أخرى، وهو شاهد واضح البرهنة على بدء تفجر الأطر القبلية.
وهكذا أمسى ممكنا أن تجمع المصالح بين أصحاب الثروات على تفرقهم بين قبائل مختلفة، وعلى أن يجمع الشقاء بين المستضعفين على تفرقهم بين قبائل مختلفة، وهو ما يشهد عليه بدء ظهور تجمعات أكبر من القبيلة، تمثلت في أحلاف يأتينا خبرها في أسمائها عبر كتب السير والأخبار، مثل حلف ذي المجاز وتنوخ، وحلف قريش والأحابيش، وحلف الفضول، وحلف المطيبين، وحلف لعقة الدم، وحلف الأحلاف، وحلف الرباب، وحلف الحمس ... إلخ. لتشير الظاهرة إلى توجه اجتماعي جديد ينحو نحو التوحد على أساس من المصالح المشتركة.
অজানা পৃষ্ঠা