فلما قال: "هؤلاء أهل بيتي" مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه، علمنا أن أزواجه وإن كنّ من أهل بيته كما دل عليه القرآن، فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته، لأن صلة النسب أقوى من صلة الصهر١.
والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بالكمال لا للاختصاص بأصل الحكم، كقول النبي ﷺ: " ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يتفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس إلحافا"٢.
بين بذلك: أن هذا مختص بكمال المسكنة، بخلاف الطواف فإنه لا تكمل فيه المسكنة، لوجود من يعطيه أحيانا، مع أنه مسكين أيضا.
ويقال: هذا هو العالم، وهذا هو العدو، وهذا هو مسلم لمن كمل فيه ذلك وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه.
ونظير هذا "في"٣ الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي ﷺ أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: " مسجدي هذا" يعني: مسجد المدينة. مع سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار: ﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ
_________
١-المصاهرة: هي القرابة الناشئة بسبب الزواج.
٢-أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التفسير سورة رقم ٢، وفي الزكاة باب ٥٣، وأبو داود في سننه في كتاب الزكاة باب ٢٤. النسائي في سننه في كتاب الزكاة باب ٧٦. والدارمي في مسنده كتاب الزكاة باب٢. ومالك في الموطأ في كتاب صفة النبي حديث ٧. والإمام أحمد في المسند ١/٣٨٤-٤٤٦،٢/٢٦٠-٣١٦-٣٩٣-٣٩٥-٤٤٩-٤٥٧-٤٦٩. وأورده السيوطي في الجامع الصغير حديث رقم ٧٥٨٥ وعزاه إلى الشيخين وأبو داود والنسائي والإمام أحمد، وأشار إلى صحته.
٣-ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
1 / 26