Hukm Tarek Al-Salat - Al-Albani
حكم تارك الصلاة - الألباني
প্রকাশক
دار الجلالين
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤١٢
প্রকাশনার স্থান
الرياض
জনগুলি
حكم تارك الصلاة
بقلم العلامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
دار الجلالين الرياض
الطبعة الأولي
١٤١٢ - هـ
١٤١٢ - هـ
1 / 1
تقديم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد:
فإن مما (لا يختلف [فيه] المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه معرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة) (١)
_________
(١) كتاب الصلاة وحكم تاركها (ص ١٦) للعلامة ابن القيم رحمه الله تعالى
وقد وردت الآيات القرآنية تترى في تعظيم قدر الصلاة وبيان شديد إثم تاركها أو المتهاون بها:
قال تعالى: ﴿فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب﴾ [مريم: ٥٩ - ٦٠]
وقال سبحانه: ﴿فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون﴾ [الماعون: ٤ - ٧]
وقال جل شأنه: ﴿ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين﴾ [المدثر: ٤٢ - ٤٣]
إلى غير ذلك من آيات كريمات تقرع الآذان وتصك الأسماع
وقد جاءت أحاديث عدة عن النبي ﷺ أخبر فيها عن عظيم الذنب الذي يتلبس به تارك الصلاة أو المتهاون بها أو المتخاذل عنها:
[٥]
1 / 5
فقال ﷺ: (بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة) (١)
وقال ﷺ: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (٢)
وقال ﷺ: (من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله) (٣)
قلت: وإزاء هذه النصوص القرآنية والنبوية: اختلف الأئمة والعلماء في تكفير متعمد ترك الصلاة:
قال الإمام البغوي في " شرح السنة " (٢ / ١٧٨ ١٧٩):
اختلف أهل العلم في تكفير تارك الصلاة المفروضة عمدا
_________
(١) رواه مسلم (٨٢) عن جابر
(٢) رواه أحمد (٥ / ٣٤٦) والترمذي (٢٦٢٣) وابن ماجة (١٠٧٩) وغيرهم عن بريدة
وقال شيخنا في تعليقه على (كتاب الإيمان) (ص ١٥) لابن أبي شيبة: (إسناده صحيح على شرط مسلم)
(٣) رواه ابن ماجة (٤٠٣٤) والبخاري في " الأدب المفرد " (رقم: ١٨) وغيرهما
وفي إسناده ضعف لكن له شواهد تقويه فانظر: (التلخيص الحبير) (٢ / ١٤٨) للحافظ ابن حجر و(إراواء الغليل) (٧ / ٨٩ - ٩١) لشيخنا الألباني
[٦]
1 / 6
ثم ذكر طائفة من أسماء المختلفين في ذلك
وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " (١ / ٣٦٩) تعليقا على حديث جابر المتقدم إيراده:
الحديث يدل على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكرا لوجوبها إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة
وإن كان تركه لها تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها - كما هو حال كثير من الناس (١) - فقد اختلف الناس في ذلك
ثم نقل - بعد ذلك نبذا من الخلاف - مشهور قول " الجماهير من السلف والخلف - منهم مالك والشافعي - إلى أنه لا يكفر بل يفسق فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن. . . إلخ "
وقال ابن حبان في " صحيحه " (٤ / ٣٢٤):
أطلق المصطفى ﷺ اسم الكفر على تارك الصلاة إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده: ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض وإذا
_________
(١) هذا في عصره فكيف اليوم
[٧]
اعتاد ترك الفرائض: أداه ذلك إلى الجحد فأطلق ﷺ اسم النهاية التي هي آخر شعب الكفر على البداية التي هي أول شعبها وهي ترك الصلاة
ثم قال ﵀ مبوبا: " ذكر خبر يدل على صحة ما ذكرنا: أن العرب تطلق اسم المتوقع من الشيء في النهاية على البداية " وبعد إيراده قول النبي ﷺ: " المراء في القرآن كفر " (١) قال:
إذا مارى المرء في القرآن أداه ذلك - إن لم يعصمه الله - إلى أن يرتاب في الآي المتشابه منه فأطلق ﷺ اسم الكفر - الذي هو الجحد - على بداية سببه الذي هو المراء
فترك الصلاة شأن كبير وأمر خطير يودي - عياذا بالله - إلى الردة عن الدين واللحوق بالكفار والمشركين
وإذ اختلف العلماء والأئمة في هذه المسألة المهمة: كان الواجب على طلاب العلم التأني والتوقي لا أن يعالجوا كل تارك
_________
(١) رواه أبو داود (٤٦٠٣) وأحمد (٢ / ٥٢٨) وابن أبي شيبة (١٠ / ٥٢) والحاكم (٢ / ٢٢٣) وغيرهم بسند حسن
وانظر (مشكاة المصابيح) (٣٣٦) و(صحيح الترغيب) (١٣٩) كلاهما بتحقيق شيخنا الألباني
[٨]
1 / 8
للصلاة بالوصم بالتكفير والردة بكل غلاظة وشدة إذ (١) الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة (٢) أن: " من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما ". . . وفي لفظ في " الصحيح ": ". . . فقد كفر أحدهما "
ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير
وقد قال الله ﷿: ﴿ولكن من شرح بالكفر صدرا﴾ [النحل: ١٠٦] فلا بد من شرح الصدر بالكفر وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه " (٣)
نعم قد تدفع الغيرة والعاطفة بعض أهل العلم أو طلابه إلى الحكم بتكفير كل تارك للصلاة دون اعتبار لجحود أو كسل
_________
(١) من هنا اقتباس من كلام الإمام العلامة الشوكاني في " السيل الجرار " (٤ / ٥٧٨)
(٢) رواه البخاري (١٠ / ٤٢٨) ومسلم (٦٠) عن ابن عمر. وفي الباب عن أبي ذر عند البخاري (١٠ / ٣٨٨)
(٣) إلى هنا النقل عن الإمام الشوكاني
[٩]
1 / 9
حرصا - في ظنهم - على الترهيب الشديد من هذا العمل الجلل ورغبة - كما توهموا - في درء أي تساهل في الصلاة وحكمها (قد) يؤدي إلى التسيب في هذا الركن الإسلامي العظيم
وقد يستدل (بعض) من هؤلاء العلماء أو الطلاب على ذلك بشيء من الأدلة القرآنية أو النبوية التي سبقت أو غيرها لكن دون جمع بين الدلائل الواردة في هذه المسألة سلبا أو إيجابا - حينا - أو بتقصير في هذه الجمع - أحيانا
ولست في هذه المقدمة - فضلا عما سيأتي في رسالة شيخنا - بمستوعب القول في دلائل المختلفين في هذه المسألة العظيمة وتحقيق مدارك الخلاف والنظر فيها فإن لهذا موضعا آخر (١) ولكني أكتفي هنا بذكر تنبيهات علمية مهمة قد تغيب عن عدد من طلاب العلم فأقول:
أولا: قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل في وصيته لتلميذه الإمام الحافظ مسدد بن مسرهد (٢):
ولا يخرج الرجل من الإسلام شيء إلا الشرك بالله
_________
(١) انظر ما سيأتي (ص ٦٤)
(٢) كما في
طبقات الحنابلة " (١ / ٣٤٣) وغير
ولي شرح موجز على هذه (الوصية) عنوانه: (السبيل الممهد) وهو تحت الطبع
[١٠]
العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله ﷿ جاحدا بها فإن تركها كسلا أو تهاونا: كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. . . " (١) قلت: وهذا هو صريح ما جاءنا في الكتاب والسنة بعموم الحكم وخصوص مسألة ترك الصلاة: قال الله تعالى: [إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء]
العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله ﷿ جاحدا بها فإن تركها كسلا أو تهاونا: كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. . . " (١) قلت: وهذا هو صريح ما جاءنا في الكتاب والسنة بعموم الحكم وخصوص مسألة ترك الصلاة: قال الله تعالى: [إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء]
1 / 10
وقال ﷺ:
خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهم شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة
(٢)
ثانيا: قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
_________
(١) وانظر " الإيمان " (ص ٢٤٥) لشيخ الإسلام ابن تيمية لمعرفة الروايات عن أحمد في ذلك وما سيأتي (ص ١٦، ٤٦، ٥٨)
(٢) رواه أبو داود (٤٢٥) والنسائي (١ / ٢٣٠) وغيرهما. وانظر (صحيح الترغيب) (٣٦٦) لشيخنا الألباني. ولابن عبد البر في (التمهيد) (٢٣ / ٢٨٩ - ٣٠١) بحث مهم جدا فيه
[١١]
1 / 11
كما في " الدرر السنية " (١ / ٧٠) - جوابا على من سأله عما يكفر الرجل به؟ وعما يقاتل عليه؟ فقال ﵀:
أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة إذا أقر بها وتركها تهاونا فنحن وإن قاتلناه على فعلها فلا نكفره بتركها والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلا من غير جحود ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان
ثالثا: يستدل بعض أهل العلم في تكفيرهم تارك الصلاة بآية من القرآن العظيم يجعلونها عماد أدلتهم في التكفير وهي قوله جل شأنه:
﴿فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين﴾ [التوبة: ١١]
قالوا: وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين إقام الصلاة فمن لم يقم بها فلا يعد أخا لنا في الدين
فالجواب على هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: قال الإمام ابن عطية في " المحرر الوجيز "
[١٢]
1 / 12
(٨ / ١٣٩ طبع المغرب):
تابوا: رجعوا عن حالهم والتوبة منهم تتضمن الإيمان
فإقامة الصلاة مشروطة ومسبوقة بالتوبة التي هي متضمنة للإيمان إذ ذكر الله التوبة قبل ذكر الصلاة أو الزكاة فدل ذلك على أنها هي قاعدة الأصل في الحكم بأخوة الدين
لذا قال الطبري في " جامع البيان " (١٨ / ٨٦):
يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون - الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم - عن كفرهم وشركهم بالله إلى الإيمان به وبرسوله وأنابوا إلى طاعته وأقاموا الصلاة المكتوبة فأدوها بحدودها وآتوا الزكاة المفروضة أهلها: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به وهو الإسلام
ويدل على ما سبق:
الوجه الثاني:
أنه قرن بالصلاة الزكاة فهل من تاب وأقام الصلاة لكنه لم يزك: لا يكون أخا في الدين عليه ما على المسلمين وله ما للمسلمين؟
إن قيل: لا بل هو أخ في الدين
قلنا: ما هو دليل التفريق في الآية بين الصلاة والزكاة وهما مذكورتان بالترتيب والتساوي عقيب التوبة؟
[١٣]
1 / 13
وإن قيل: ليس أخا في الدين
قلنا: هذا باطل من القول بيقين ليس عليه أي دليل
رابعا: عن حذيفة بن اليمان رضي الله عن هـ قال: قال رسول الله ﷺ:
يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة
وليسري على كتاب الله ﷿ في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة:
لا إله إلا الله " فنحن نقولها "
رواه ابن ماجة (٤٠٤٩) والحاكم (٤ / ٤٧٣) من طريق أبي معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان مرفوعا
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه - أيضا - البوصيري في " مصباح الزجاجة " وقواه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (١٣ / ١٦)
وقد أعل (بعضهم) الحديث وضعفه لكلام في أبي
[١٤]
1 / 14
معاوية وهو غير ضاره
ومع ذلك فقد خفيت (عليهم) متابعة جليلة:
فقد روى الحديث عن أبي مالك: أبو عوانة بإسناده ومتنه كما قال البوصيري في " المصباح " (٣ / ٢٥٤)
وأبو عوانة: ثقة ثبت رضى
وقال شيخنا الألباني في كتابه المعطار " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (١ / ١٣٠ - ١٣٢) تعليقا على هذا الحديث الصحيح:
هذا وفي الحديث فائدة فقهية هامة وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها
ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة خاصة مع إيمانه بمشروعيتها فالجمهور على أن لا يكفر بذلك بل يفسق وذهب أحمد [فيما يذكر عنه] إلى أنه يكفر وأنه يقتل ردة لا حدا
وقد صح عن الصحابة أنهم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي والحاكم
[١٥]
وأنا أرى أن الصواب رأي الجمهور وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصا على أنهم كانوا يريدون ب (الكفر) هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار ولا يحتمل أن يغفره الله له كيف ذلك وحذيفة بن اليمان - وهو من كبار أولئك الصحابة - يرد على صلة ابن زفر وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له فيقول:
ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة. . . " فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه: " يا صلة تنجيهم من النار " ثلاثا
فهذا نص من حذيفة رضي الله عن هـ على أن تارك الصلاة - ومنها بقية الأركان - ليس بكافر بل هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة
فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في غير هذا المكان
ثم وقفت على " الفتاوى الحديثية " (٨٤ / ٢) للحافظ السخاوي فرأيته يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة:
ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحدا لوجوبها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين لأنه يكون حينئذ
[١٦]
كافرا مرتدا بإجماع المسلمين فإن رجع إلى الإسلام قبل منه وإلا قتل
وأما من تركها بلا عذر بل تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر وأنه - على الصحيح أيضا - بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري - كأن يترك الظهر مثلا حتى تغرب الشمس أو المغرب حتى يطلع الفجر - يستتاب كما يستتاب المرتد ثم يقتل إن لم يتب ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه
ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر في بعض أحكامه وهو وجوب العمل جمعا بين هذه النصوص وبين ما صح أيضا عنه ﷺ أنه قال:
خمس صلوات كتبهن الله - فذكر الحديث وفيه: " إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " وقال أيضا: " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " إلى غير ذلك
ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه ولو
[١٧]
1 / 17
كان كافرا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث " ا. هـ
خامسا: يجيب بعض أهل العلم على عدد من الأحاديث الواردة في هذه المسألة مما يفيد شمول عفو الله سبحانه ومغفرته ورحمته لبعض من تاركي الصلاة التي هي دون الشرك - كما قال جل شأنه: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " - كمثل حديث البطاقة وحديث الشفاعة الآتي وغيرها من الأحاديث بأن يقول (هؤلاء): " هذه أحاديث (عامة) وأحاديث تكفير تارك الصلاة (خاصة) "
أقول: ولو عكس (هؤلاء) - وفقهم الله - قولهم لكانوا أقرب إلى الصواب كما هو معروف من قاعدة الوعد والوعيد عند أهل السنة فيما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في مواضع عدة من كتبه ك " مجموع الفتاوى " (٤ / ٤٨٤) (٨ / ٢٧٠) (١١ / ٦٤٨) (٢٣ / ٣٠٥) وغيره
وخلاصة القول في هذه القاعدة:
أن نصوص الوعيد داخلة تحت مشيئة الله سبحانه إما
[١٨]
1 / 18
عفوا وإما تنفيذا
وأما نصوص الوعد فإن الله منفذها كما كتب - سبحانه - على نفسه
وفي ذلك يقول من يقول من أهل العلم مستدلا على أصل هذه القاعدة:
وإني وإن أوعدته أو وعدته
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
أنظر " شرح العقيدة الطحاوية " (ص ٣١٨)
سادسا: من أعجب العجب - بعد ما سبق - أن يقول (البعض) واصفا القول بعدم تكفير تارك الصلاة مع إثبات فسقه وفجوره: بأنه إرجاء؟
فما هو الإرجاء عند هؤلاء؟
وما هي حدوده؟ وما هي ضوابطه؟
وبعد هذا السابق كله فإننا نؤكد ونبين بكل صراحة ووضوح أن تارك الصلاة مجرم فاجر وآثم فاسق يخشى عليه
[١٩]
- عياذا بالله - من الردة والكفر والخروج من الإسلام والشرك إن لم يسارع بالتوبة والإنابة والاستغفار والهداية أو إن لم يتغمده الله - سبحانه - بعفوه وعنايته وأخيرا: فإن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى وقد تنازع فيها أهل العلم سلفا وخلفا فالبحث فيها يجب أن يكون بروح طيبة وعقل منير ونظر سديد بعيد عن التعصب مع اطراح التقليد إذ هذا كله يوصل إلى معرفة الحق والوقوف عليه والدعوة إليه وهذه الرسالة لشيخنا العلامة المحدث المحقق محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله سبحانه - مثال حسن على ما قدمته نقدمها للإخوة القراء رغبة في نشر العلم وطمعا في تحصيل الثواب واستجابة لأمر الله سبحانه بالرد - عند الاختلاف - إليه وإلى رسوله ﷺ: [فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا]
- عياذا بالله - من الردة والكفر والخروج من الإسلام والشرك إن لم يسارع بالتوبة والإنابة والاستغفار والهداية أو إن لم يتغمده الله - سبحانه - بعفوه وعنايته وأخيرا: فإن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى وقد تنازع فيها أهل العلم سلفا وخلفا فالبحث فيها يجب أن يكون بروح طيبة وعقل منير ونظر سديد بعيد عن التعصب مع اطراح التقليد إذ هذا كله يوصل إلى معرفة الحق والوقوف عليه والدعوة إليه وهذه الرسالة لشيخنا العلامة المحدث المحقق محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله سبحانه - مثال حسن على ما قدمته نقدمها للإخوة القراء رغبة في نشر العلم وطمعا في تحصيل الثواب واستجابة لأمر الله سبحانه بالرد - عند الاختلاف - إليه وإلى رسوله ﷺ: [فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا]
1 / 19
[٢٠]
1 / 20
فلا يمنعن أحدا من قارئي هذه الرسالة إلفه أو عادته أو ما نشأ عليه أو تلقنه: من أن يقبل الحق وينصاع إليه ويجاهد دونه إذ الحق أغلى ما يطلب وأعز ما يرغب
فالله العظيم نسأل التوفيق والسداد والرشد والرشاد وهداية من ضل من العباد وقصم من تلبس بالكفر والعناد
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
[٢١]
1 / 21
مقدمة المؤلف
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد: فهذا بحث علمي لطيف في تخريج وشرح حديث نبوي شريف أصله من أحاديث المجلد السابع من كتابي: (سلسلة الأحاديث الصحيحة) ورأيت إفراده بالنشر لأهميته وكبير فائدته وذلك بعد أن رآه بعض إخواننا فاقترح علي نشره مفردا من باب الاستعجال بالخير فوافق ذلك ما عندي فدفعت صورة منه إلى صاحبنا وتلميذنا الشاب علي بن حسن الحلبي ليقوم بتهيئته للنشر وإعداده للطبع مع كتابة مقدمة علمية له تقرب فوائده للقراء الأفاضل
[٢٢]
1 / 22
وقد فعل ذلك كله - جزاه الله خيرا - ثم أشرف على طباعته وتصحيحه ومراجعته
وفي آخر هذه المقدمة الوجيزة أسأل الله سبحانه أن ينفع بهذا البحث العلمي من يقرؤه وينظر فيه إنه سميع مجيب
فأقول وبالله التوفيق:
[٢٥]
1 / 25
متن الحديث:
روى الإمام معمر بن راشد في (الجامع) (١١ / ٤٠٩ - ٤١١ - الملحق ب (مصنف عبد الرزاق) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عن هـ - قال:
قال رسول الله ﷺ:
(إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا ف [والذي نفسي بيده] ما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار
قال: يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا [ويجاهدون معنا] فأدخلتهم النار
قال: فيقول: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم
فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم [لم تغش الوجه] فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه [فيخرجون منها
[٢٦]
بشرا كثيرا] فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا قال: ثم [يعودون فيتكلمون ف] يقول: أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان [فيخرجون خلقا كثيرا] ثم [يقولون: ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا
ثم يقول: ارجعوا ف] من كان في قلبه وزن نصف دينار [فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا. . .] حتى يقول: أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة [فيخرجون خلقا كثيرا] قال أبو سعيد: فمن لم يصدق بهذا الحديث فليقرأ هذه الآية: [إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما] [سورة النساء: ٤]
بشرا كثيرا] فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا قال: ثم [يعودون فيتكلمون ف] يقول: أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان [فيخرجون خلقا كثيرا] ثم [يقولون: ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا
ثم يقول: ارجعوا ف] من كان في قلبه وزن نصف دينار [فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا. . .] حتى يقول: أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة [فيخرجون خلقا كثيرا] قال أبو سعيد: فمن لم يصدق بهذا الحديث فليقرأ هذه الآية: [إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما] [سورة النساء: ٤]
1 / 26
قال: فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق في
[٢٧]
النار أحد فيه خير قال: ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفعت الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين قال: فيقبض قبضة من النار - أو قال: قبضتين - ناسا لم يعملوا لله خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حمما قال: فيؤتى بهم إلى ماء يقال له: (الحياة) فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل [قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وإلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر وما كان منها إلى الظل كان أبيض] قال: فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ وفي أعناقهم الخاتم (وفي رواية: الخواتم) عتقاء الله قال: فيقال لهم: ادخلوا الجنة فما تمنيتم ورأيتم من شيء فهو لكم [ومثله معه] [فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه] قال: فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين قال: فيقول: فإن لكم عندي أفضل منه فيقولون: ربنا وما أفضل من ذلك؟ [قال:] فيقول: رضائي عنكم فلا أسخط عليكم
النار أحد فيه خير قال: ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفعت الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين قال: فيقبض قبضة من النار - أو قال: قبضتين - ناسا لم يعملوا لله خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حمما قال: فيؤتى بهم إلى ماء يقال له: (الحياة) فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل [قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وإلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر وما كان منها إلى الظل كان أبيض] قال: فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ وفي أعناقهم الخاتم (وفي رواية: الخواتم) عتقاء الله قال: فيقال لهم: ادخلوا الجنة فما تمنيتم ورأيتم من شيء فهو لكم [ومثله معه] [فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه] قال: فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين قال: فيقول: فإن لكم عندي أفضل منه فيقولون: ربنا وما أفضل من ذلك؟ [قال:] فيقول: رضائي عنكم فلا أسخط عليكم
1 / 27
[٢٨]
1 / 28