لحملة الْعَرْش مَاذَا قَالَ ربكُم؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ، فيستخبر بعض أهل السَّمَوَات بَعْضًا حَتَّى يبلغ الْخَبَر أهل هَذِه السَّمَاء " وَقَالَ رَسُول ﷺ:
" إِنِّي قُمْت من اللَّيْل، فَتَوَضَّأت، وَصليت مَا قدر لي، فنعست فِي صَلَاتي حَتَّى
استثقلت، فَإِذا أَنا بربي ﵎ فِي أحسن صُورَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قلت: لبيْك رب قَالَ فِيمَا يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى؟ قلت: لَا أَدْرِي قَالَهَا ثَلَاثًا. قَالَ: فرأيته وضع كَفه بَين كَتِفي حَتَّى وجدت برد أنامله من ثديي، فتجلى لي كل شَيْء وَعرفت. فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قلت: لبيْك رب. قَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى؟ قلت: فِي الْكَفَّارَات. قَالَ: وَمَا هن؟ قلت: مشي الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وَالْجُلُوس فِي الْمَسَاجِد بعد الصَّلَوَات، وإسباغ الْوضُوء حِين الكريهات. قَالَ: ثمَّ فيمَ؟ قَالَ: قلت: فِي الدَّرَجَات؟ قَالَ: وَمَا هن؟ قلت: إطْعَام الطَّعَام ولين الْكَلَام، وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام " وَقَالَ رَسُول ﷺ: " أَن الله إِذا أحب عبدا دَعَا جِبْرَائِيل فَقَالَ: إِنِّي أحب فلَانا فَأَحبهُ. قَالَ: فَيُحِبهُ جِبْرَائِيل. ثمَّ يُنَادي فِي السَّمَاء فَيَقُول: أَن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ، فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء، ثمَّ يوضع لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض. وَإِذا أبْغض عبدا دَعَا جِبْرَائِيل فَيَقُول إِنِّي أبْغض فلَان فَأَبْغضهُ قَالَ: فَيبْغضهُ جِبْرَائِيل ثمَّ يُنَادي فِي أهل السَّمَاء أَن الله يبغض فلَانا فَأَبْغضُوهُ قَالَ فَيبْغضُونَهُ ثمَّ يوضع لَهُ الْبغضَاء فِي الأَرْض " وَقَالَ رَسُول ﷺ:
" الْمَلَائِكَة يصلونَ على أحدكُم مَا دَامَ فِي مَجْلِسه الَّذِي صلى فِيهِ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ارحمه اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ مَا لم يؤذ فِيهِ، مَا لم يحدث فِيهِ " وَقَالَ رَسُول الله ﷺ. " مَا من يَوْم يصبح الْعباد فِيهِ إِلَّا وملكان ينزلان فَيَقُول أَحدهمَا: اللَّهُمَّ أعْط منفقا خلفا وَيَقُول: الآخر اللَّهُمَّ أعْط ممسكا تلفا ".
اعْلَم أَنه قد استفاض من الشَّرْع: أَن لله تَعَالَى عبادا هم أفاضل الْمَلَائِكَة ومقربو الحضرة لَا يزالون يدعونَ لمن أصلح نَفسه، وهذبها، وسعى فِي إصْلَاح النَّاس فَيكون دعاؤهم ذَلِك سَبَب نزُول البركات عَلَيْهِم، ويلعنون من عصى
الله، وسعى فِي الْفساد، فَيكون لعنهم سَببا لوُجُود حسرة وندامة فِي نفس الْعَامِل، وإلهامات فِي صُدُور الْمَلأ السافل أَن يبغضوا هَذَا الْمُسِيء، ويسيئوا إِلَيْهِ، أما فِي الدُّنْيَا، أَو حِين يتخفف عَنهُ جِلْبَاب بدنه بِالْمَوْتِ الطبيعي، وَأَنَّهُمْ يكونُونَ سفراء بَين الله وَبَين عباده، وَأَنَّهُمْ يُلْهمُون فِي قُلُوب بني آدم خيرا أَي يكونُونَ أسبابا لحدوث خواطر الْخَيْر فيهم بِوَجْه من وُجُوه السَّبَبِيَّة، وَأَن لَهُم اجتماعات
1 / 47