ثم قال في آخر جوابه: وتجوز القراءة في الصلاة وخارجها بالقراءات الثابتة الموافقة لرسم المصحف كما ثبتت هذه القراءات وليست شاذّة حينئذ والله أعلم «١».
شروط القراءة الصحيحة:
قال ابن الجزري بعد أن ذكر أسماء من اشتهر بالقراءة في المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام: ثم إن القرّاء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا، وخلفهم أمم بعد أمم، عرفت طبقاتهم، واختلفت صنعاتهم، فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراسة، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف، وكثر بينهم لذلك الاختلاف، وقلّ الضبط، واتسع الخرق، وكاد الباطل يلتبس بالحق، فقام جهابذة علماء الأمة، وصناديد الأئمة، فبالغوا في الاجتهاد، وبيّنوا الحق المراد، وجمعوا الحروف والقراءات، وعزوا الوجوه والروايات، وميّزوا بين المشهور والشاذ، والصحيح والفاذ، بأصول أصلوها، وأركان فصلوها، وها نحن نشير إليها ونعوّل كما عوّلوا عليها فنقول:
كلّ قراءة وافقت العربية، ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا، وصحّ سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردّها ولا يحلّ إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووجب على الناس قبولها، سواء أكانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختلّ ركن من هذه الأركان الثلاثة، أطلق عليها ضعيفة أو شاذّة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة، أم عمن هو أكبر منهم.
هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف «٢».
_________
(١) انتهى نقل ابن الجزري في النشر ١/ ٣٩ عن ابن تيمية ﵀ ملخصا. وانظر فتاويه ١٣/ ٣٩٠ - ٤٠٣.
(٢) النشر ١/ ٩.
المقدمة / 12