ويقولون: الأنبياء يجوز منهم كبائر المعاصي كلها إلا الكذب في البلاغ! وقالوا: لا يوصف الله عز وجل بالقدرة على غير ما فعل، وأنه لا يقدر على إفناء خلقه كلهم حتى يبقى وحده كما لم #617# يزل! ويجيزون كون إمامين في وقت واحد! ولهم غير ذلك، لا يستحل مسلم التلفظ بها.
فصار له -مع جهله- تبع كثير وجمع كبير، فرفع أمرهم إلى إبراهيم بن الحصين أمير سجستان، فتعجب من ذلك، وأمر بإحضاره، فجاءه لابسا مسحا معلقا سبحة بيده، معه أصحابه عليهم البرانس، ففاوضه فوجده عفطيا لا يعي ولا يعقل، فاستقرأه فاتحة الكتاب، فبدل ألفاظها! واستقرأه التشهد فقرأ: التهيات لله والسلوات التيبات!! فكثر تعجبه وغيظه، وأغرى بالعامة ونكل بهم حيث غواهم قشف هذا الرجل مع جهله، وقال: إني أرى نفيه #618# من هذا الإقليم ويتولى قتله غيري، ثم نفاه وأهدر دمه إن وجد في موضع من بلاده.
فخرج هو وأصحابه إلى أرض نيسابور، فاستقبله أهلها بالرحب، وقبلوه أحسن قبول، وعظمت الفتنة على الخاصة والعامة وأهل العلم وأعياهم أمره، فاجتمعوا إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وكان شيخ الوقت غير مدافع، وإماما في سائر العلوم الدينية، فحين استفحل أمر ابن كرام وانتشر قوله كاتب محمد بن إسحاق إلى السلطان، وأن البلية قد عظمت بهذا الرجل، فكتب السلطان إلى نائبه بنيسابور أن يمتثل جميع ما يأمر به الشيخ محمد بن إسحاق، فجمع أهل العلم واستشارهم، فقالوا: ليس نجد رأيا أرشد من إخراجه من الناحية. فأخرج وخرج معه من أماثل البلد خلق كثير، وامتد على حاله إلى بيت المقدس، وسكن هناك إلى أن مات، وبها قبره يقصد ويزار.
قال الشيخ الإمام الحافظ رضي الله عنه: وكان مع هذه البدع #619# يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويضع الأحاديث فيما يوافق معتقده ورأيه.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الأديب، الإسناد إلى محمد بن إسحاق السراج قال: شهدت محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله وقد دفع إليه كتاب من محمد بن كرام يسأله عن أحاديث، منها: سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم #620# قال: ((الإيمان لا يزيد ولا ينقص))، ومعمر عن الزهري بتمام الإسناد قال: ((الإيمان لا يزيد ولا ينقص)).
فكتب محمد بن إسماعيل على ظهر كتابه: ((من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد، والحبس الطويل)).
آخر الجزء الرابع وأول الجزء الخامس.
পৃষ্ঠা ৬১৬