حجية القياس والرد علي المخالفين
حجية القياس والرد علي المخالفين
জনগুলি
مقدمة البحث
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
واشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له لا رب غيره ولا اله سواه واشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل نبي واشرفه وأزكاه
اما بعد
فهذا بحث مختصر في حجية القياس حاولت فيه قدر الطاقة الاختصار والايجاز والاقتصار علي موضوع البحث فم اتعرض لكثير من المسائل خشية الاطالة،وقد قسمت البحث الي مقدمات تمهيدية:
الاولي في بيان اهمية العمل بالقياس، والثانية في تعريف القياس لغة واصطلاحا،والثالثة في انواع القياس، والرابعة في بيان
أول من نقل عنه انكار القياس وتعريف موجز به. ثم شرعت في بيان ادلة نفاة القياس وذلك في المبحث الاول، ثم المبحث الثاني وهو في ادلة القائلين بالقياس،ثم المبحث الثالث في مناقشة أدلة منكري القياس ثم خلاصة البحث.
وفي النهاية أسأل الله سبحانه بمنه وكرمه أن ينفعني وإخواني بهذا العمل،وان يلهمنا رشدنا، وان يوحد صفنا، ويجمع كلمتنا علي الحق.
1 / 1
مقدمات تمهيدية
المقدمة الاولي:أهمية القياس
القياس هو الدليل الرابع من ادلة اصول الفقه وهو اصل عظيم الشان جليل القدر فبه استنبطت اكثر الاحكام لان النصوص محصورة والحوادث متجددة غير محصورة ولذلك قال الامام احمد لا يستغني احد عن القياس وقال القياس ضرورة وقال (إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إنَّ أَكْثَرَ الْحَوَادِثِ لَا نَصَّ فِيهَا بِحَالٍ.وَلِذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ الْقِيَاسُ أَفْضَى إلَى خُلُوِّ كَثِيرٍ مِنْ الْحَوَادِثِ عَنْ الْأَحْكَامِ، لِقِلَّةِ النُّصُوصِ وَكَوْنِ الصُّوَرِ لَا نِهَايَةَ لَهَا.) انتهي من البحر المحيط للزركشي
ولقد أجمعت الامة علي العمل بالقياس،وقد وردت بذلك الاثار، وتواتر ذلك المعني عن الصحابة والتابعين وأئمة الهدي، فقال به جماهير العلماء منهم الائمة الاربعة،والمحققون من الاصوليين،فجعلوه من الاصول المتفق عليها، إلي ان جاء النظام المعتزلي فقال بانكاره وتبعه علي ذلك كثير من المعتزلة وداود الظاهري واتباع المذهب الظاهري والامامية من الروافض. وأخذ باقوالهم بعض الفرق المنتسبة الي الاسلام اليوم كحزب التحرير وغيره
ولقد وقف الناس من القياس مواقف متباينة فمنهم من غلا في الاخذ به فعارض النصوص الصريحة الصحيحة برأيه
ومنهم من غلا في رفضه وانكاره فحرمه، ومنهم من عمل به بشروطه وهم اهل التحقيق.فلم يلجأوا أليه الا عند الضرورة
اذا لم يجدوا حكم المسالة أو النازلة في الكتاب والسنة أوالاجماع.
অজানা পৃষ্ঠা
المقدمة الثانية: تعريف القياس
تعريف القياس لغة
قال صاحب مختار الصحاح ﴿ق ي س قَاسَ الشيءَ بالشيء قَدَّره على مِثاله. ويقال بينهما قِيسُ رمْح وقاسُ رُمْح أي قَدْرُ رُمْح.﴾
وقال صاحب لسان العرب ﴿(قيس): قاسَ الشيء يَقيسُه قَيْسًا وقياسًا واقْتاسه وقَيَّسه إِذا قدَّره على مثاله قال: فهنَّ بالأَيْدي مُقَيِّساتُهْ مُقَدَّرات ومُخْيّطاتُهْ والمِقياس: المِقدار. وقاسَ الشيء يَقوسُه قَوْسًا: لغة في قاسَه يَقِيسه. ويقال: قِسْته وقُسْته أَقُوسُه قَوْسًا وقِياسًا ولا يقال أَقَسْته بالألف. والمِقْياس: ما قِيسَ به. والقِيسُ والقاسُ: القَدْر يقال: قِيسُ رُمْحٍ وقاسُه........... وقاس الطبيبُ قَعْرَ الجراحة قَيسًا وأَنشد إِذا قاسَها الآسِي النِّطاسِيُّ أَدْبَرَتْ غَثِيثَتْها وازداد وَهْيًا هُزُومُها وفي حديث الشعبي: أَنه قَضى بشهادة القائس مع يمين المَشْجوج أَي الذي يَقيس الشَّجَّة ويتعرَّف غَوْرها بالمِيل الذي يُدخله فيها ليعتبرَها وبينهما قِيس رُمْح وقاسُ رمح أَي قدر رُمح.﴾
1 / 2
تعريف القياس اصطلاحا
اختلف الاصوليون في تعريفه نظرا لاختلافهم في مسألة هل القياس دليل شرعي نصبه الشارع أو هو عمل المجتهد فمن قال بان القياس دليل نصبه الشارع عبر عن القياس بانه استواء بين الفرع والاصل في العلة المستنبطة من حكم الاصل هذا تعريف الامدي سيف الدين في الاحكام
ومنهم من عبر بلفظ المساواة كابن الحاجب وابن عبد الشكور فقال ابن الحاجب: مساواة فرع لاصل في علة حكمه
اما من قال بان القياس هو عمل المجتهد كابي بكر الباقلاني وتبعه امام الحرمين والغزالي والرازي والامدي فقد عبروا عن القياس بأنه حمل معلوم علي معلوم في اثبات حكم لهما او نفيه عنهما بامر جامع بينهما
واختاره اكثر المحققين من الاصوليين
ولا نريد الاطالة في بحث الاعتراضات علي هذه التعريفات ولكنا نختار ما ختاره المحققون وهو ان القياس هو حمل معلوم علي ما علم حكمه لاستوائهما في علة الحكم لدي المجتهد
قال صاحب مراقي السعود
بحمل معلوم علي ما قد علم للاستوا في علة الحكم وُسم
وان ترد شموله لما فسد فزد لدي الحامل والزيد اسد
اذا فأركان القياس التي يقوم عليها اربعة هي الاصل والفرع والعلة والحكم ولابد لكل قياس من توفر هذه الاركان فالاصل هو المعلوم الذي ثبت حكمه بالشرع وهوما يقاس عليه ويشبه الفرع به، والفرع هنا هو الامر الذي لم يرد حكمه في الشرع ابتداء وهو ما يطلب قياسه علي الاصل، والعلة هي الوصف الجامع بين الاصل والفرع، والحكم هو ثمرة قياس الفرع علي الاصل.
المقدمة الثالثة: أنواع القياس ينقسم القياس الي قسمين الاول هو قياس العكس والثاني هو قياس الطرد، فأما قياس العكس فعبارة عن اثبات عكس حكم الاصل للفرع لان علة الفرع عكس علة الاصل ومثله كما ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم (وفي بضع احدكم صدقة) قالوا اياتي احدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال ﷺ: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ قالوا: نعم. قال: كذلك إن وضعها في الحلال كان له فيها أجر) الحديث رواه مسلم عن ابي ذر الغفاري. اما النوع الثاني من القياس فهو قياس الطرد وينقسم الي ثلاثة اقسام،قياس العلة وقياس الدلالة وقياس الشبه قال الامام الجويني في الورقات في اصول الفقه (فَقِيَاسُ الْعِلَّةِ: مَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِيهِ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ. وَقِيَاسُ الدَّلاَلَةِ: وَهُوَ الاِسْتِدْلاَلُ بِأَحَدِ النَّظِيرَيْنِ عَلَى الآخَرِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ دَالَّةً عَلَى الْحُكْمِ، وَلاَ تَكُونُ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ. وَقِيَاسُ الشَّبَهِ: وَهُوَ الْفَرْعُ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، فَيُلْحَقُ بِأَكْثَرِهِمَا شَبَهًا، وَلاَ يُصَارُ إِلَيْهِ مَعَ إِمْكَانِ مَا قَبْلَهُ. وَمِنْ شَرْطِ الْفَرْعِ: أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِلأَصْلِ. وَمِنْ شَرْطِ الأَصْلِ: أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ.) انتهي قال ابن القيم في اعلام الموقعين (وَالْأَقْيِسَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي الِاسْتِدْلَالِ ثَلَاثَةٌ: قِيَاسُ عِلَّةٍ، وَقِيَاسُ دَلَالَةٍ، وَقِيَاسُ شَبَهٍ، وَقَدْ وَرَدَتْ كُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ. ﴿فَأَمَّا قِيَاسُ الْعِلَّةِ﴾ فَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ عِيسَى نَظِيرُ آدَمَ فِي التَّكْوِينِ بِجَامِعِ مَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ وُجُودُ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ مَجِيئُهَا طَوْعًا لِمَشِيئَتِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَكَيْفَ يُسْتَنْكَرُ وُجُودُ عِيسَى مِنْ غَيْرِ أَبٍ مَنْ يُقِرُّ بِوُجُودِ آدَمَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ؟ وَوُجُودِ حَوَّاءَ مِنْ غَيْرِ أُمٍّ؟ فَآدَمُ وَعِيسَى نَظِيرَانِ يَجْمَعُهُمَا الْمَعْنَى الَّذِي يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِيجَادِ وَالْخَلْقِ بِهِ.........وَأَمَّا ﴿قِيَاسُ الدَّلَالَةِ﴾ فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ وَمَلْزُومِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّك تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فَدَلَّ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ الْإِحْيَاءِ الَّذِي تَحَقَّقُوهُ وَشَاهَدُوهُ عَلَى الْإِحْيَاءِ الَّذِي اسْتَبْعَدُوهُ، وَذَلِكَ قِيَاسُ إحْيَاءٍ عَلَى إحْيَاءٍ، وَاعْتِبَارُ الشَّيْءِ بِنَظِيرِهِ؛ وَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ هِيَ عُمُومُ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَكَمَالُ حِكْمَتِهِ؛ وَإِحْيَاءُ الْأَرْضِ دَلِيلُ الْعِلَّةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ فَدَلَّ بِالنَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ، وَقَرَّبَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ جِدًّا بِلَفْظِ الْإِخْرَاجِ، أَيْ يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَرْضِ أَحْيَاءً كَمَا يَخْرُجُ الْحَيُّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيَخْرُجُ الْمَيِّتُ مِنْ الْحَيِّ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ . فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ كَيْفِيَّةَ الْخَلْقِ وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمَاءِ فِي الرَّحِمِ إلَى أَنْ صَارَ مِنْهُ الزَّوْجَانِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَذَلِكَ أَمَارَةُ وُجُودِ صَانِعٍ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ، وَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ: عِبَادَهُ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي النُّطْفَةِ الْمُهِينَةِ الْحَقِيرَةِ مِنْ الْأَطْوَارِ، وَسَوْقُهَا فِي مَرَاتِبِ الْكَمَالِ مِنْ مَرْتَبَةٍ إلَى مَرْتَبَةٍ أَعْلَى مِنْهَا، حَتَّى صَارَتْ بَشَرًا سَوِيًّا فِي أَحْسَنِ خَلْقٍ وَتَقْوِيمٍ - عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ بِهِ أَنْ يَتْرُكَ هَذَا الْبَشَرَ سُدًى مُهْمَلًا مُعَطَّلًا لَا يَأْمُرُهُ وَلَا يَنْهَاهُ وَلَا يُقِيمُهُ فِي عُبُودِيَّتِهِ، وَقَدْ سَاقَهُ فِي مَرَاتِبِ الْكَمَالِ مِنْ حِينِ كَانَ نُطْفَةً إلَى أَنْ صَارَ بَشَرًا سَوِيًّا، فَكَذَلِكَ يَسُوقُهُ فِي مَرَاتِبِ كَمَالِهِ طَبَقًا بَعْدَ طَبَقٍ وَحَالًا بَعْدَ حَالٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ جَارَهُ فِي دَارِهِ يَتَمَتَّعُ بِأَنْوَاعِ النَّعِيمِ، وَيَنْظُرُ إلَى وَجْهِهِ، وَيَسْمَعُ كَلَامَهُ....... ﴿وَأَمَّا قِيَاسُ الشَّبَهِ﴾ فَلَمْ يَحْكِهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إلَّا عَنْ الْمُبْطِلِينَ؛ فَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ إخْوَةِ يُوسُفَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَمَّا وَجَدُوا الصُّوَاعَ فِي رَحْلِ أَخِيهِمْ: ﴿إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ فَلَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِعِلَّةٍ وَلَا دَلِيلِهَا، وَإِنَّمَا أَلْحَقُوا أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ جَامِعٍ سِوَى مُجَرَّدِ الشَّبَهِ الْجَامِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يُوسُفَ، فَقَالُوا: هَذَا مَقِيسٌ عَلَى أَخِيهِ، بَيْنَهُمَا شَبَهٌ مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ، وَذَاكَ قَدْ سَرَقَ فَكَذَلِكَ هَذَا، وَهَذَا هُوَ الْجَمْعُ بِالشَّبَهِ الْفَارِغِ، وَالْقِيَاسِ بِالصُّورَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّسَاوِي، وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ، وَالتَّسَاوِي فِي قَرَابَةِ الْأُخُوَّةِ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلتَّسَاوِي فِي السَّرِقَةِ لَوْ كَانَتْ حَقًّا، وَلَا دَلِيلَ عَلَى التَّسَاوِي فِيهَا؛ فَيَكُونُ الْجَمْعُ لِنَوْعِ شَبَهٍ خَالٍ عَنْ الْعِلَّةِ وَدَلِيلِهَا.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿مَا نَرَاكَ إلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾ فَاعْتُبِرُوا صُورَةَ مُجَرَّدِ الْآدَمِيَّةِ وَشَبَهَ الْمُجَانَسَةِ فِيهَا، وَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ أَحَدِ الشَّبَهَيْنِ حُكْمُ الْآخَرِ؛ فَكَمَا لَا نَكُونُ نَحْنُ رُسُلًا فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ، فَإِذَا تَسَاوَيْنَا فِي هَذَا الشَّبَهِ فَأَنْتُمْ مِثْلُنَا لَا مَزِيَّةَ لَكُمْ عَلَيْنَا، وَهَذَا مِنْ أبطل الْقِيَاسِ؛ فَإِنَّ الْوَاقِعَ مِنْ التَّخْصِيصِ وَالتَّفْضِيلِ وَجَعْلِ بَعْضِ هَذَا النَّوْعِ شَرِيفًا وَبَعْضَهُ دَنِيًّا، وَبَعْضَهُ مَرْءُوسًا وَبَعْضَهُ رَئِيسًا، وَبَعْضَهُ مَلِكًا وَبَعْضَهُ سُوقَةً، يُبْطِلُ هَذَا الْقِيَاسَ، كَمَا أَشَارَ سُبْحَانَهُ إلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّك نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سِخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّك خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ . وَأَجَابَتْ الرُّسُلُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِقَوْلِهِمْ: ﴿إنْ نَحْنُ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ وَأَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ .......وَمِنْ هَذَا قِيَاسُ الْمُشْرِكِينَ الرِّبَا عَلَى الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ الصُّورِيِّ، وَمِنْهُ قِيَاسُهُمْ الْمَيْتَةَ عَلَى الْمُذَكَّى فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَجِئْ هَذَا الْقِيَاسُ فِي الْقُرْآنِ إلَّا مَرْدُودًا مَذْمُومًا) انتهي من اعلام الموقعين باختصار ومن ارد المزيد من الامثلة فليرجع اليه
اذا فأركان القياس التي يقوم عليها اربعة هي الاصل والفرع والعلة والحكم ولابد لكل قياس من توفر هذه الاركان فالاصل هو المعلوم الذي ثبت حكمه بالشرع وهوما يقاس عليه ويشبه الفرع به، والفرع هنا هو الامر الذي لم يرد حكمه في الشرع ابتداء وهو ما يطلب قياسه علي الاصل، والعلة هي الوصف الجامع بين الاصل والفرع، والحكم هو ثمرة قياس الفرع علي الاصل.
المقدمة الثالثة: أنواع القياس ينقسم القياس الي قسمين الاول هو قياس العكس والثاني هو قياس الطرد، فأما قياس العكس فعبارة عن اثبات عكس حكم الاصل للفرع لان علة الفرع عكس علة الاصل ومثله كما ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم (وفي بضع احدكم صدقة) قالوا اياتي احدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال ﷺ: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ قالوا: نعم. قال: كذلك إن وضعها في الحلال كان له فيها أجر) الحديث رواه مسلم عن ابي ذر الغفاري. اما النوع الثاني من القياس فهو قياس الطرد وينقسم الي ثلاثة اقسام،قياس العلة وقياس الدلالة وقياس الشبه قال الامام الجويني في الورقات في اصول الفقه (فَقِيَاسُ الْعِلَّةِ: مَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِيهِ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ. وَقِيَاسُ الدَّلاَلَةِ: وَهُوَ الاِسْتِدْلاَلُ بِأَحَدِ النَّظِيرَيْنِ عَلَى الآخَرِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ دَالَّةً عَلَى الْحُكْمِ، وَلاَ تَكُونُ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ. وَقِيَاسُ الشَّبَهِ: وَهُوَ الْفَرْعُ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، فَيُلْحَقُ بِأَكْثَرِهِمَا شَبَهًا، وَلاَ يُصَارُ إِلَيْهِ مَعَ إِمْكَانِ مَا قَبْلَهُ. وَمِنْ شَرْطِ الْفَرْعِ: أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِلأَصْلِ. وَمِنْ شَرْطِ الأَصْلِ: أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ.) انتهي قال ابن القيم في اعلام الموقعين (وَالْأَقْيِسَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي الِاسْتِدْلَالِ ثَلَاثَةٌ: قِيَاسُ عِلَّةٍ، وَقِيَاسُ دَلَالَةٍ، وَقِيَاسُ شَبَهٍ، وَقَدْ وَرَدَتْ كُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ. ﴿فَأَمَّا قِيَاسُ الْعِلَّةِ﴾ فَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ عِيسَى نَظِيرُ آدَمَ فِي التَّكْوِينِ بِجَامِعِ مَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ وُجُودُ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ مَجِيئُهَا طَوْعًا لِمَشِيئَتِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَكَيْفَ يُسْتَنْكَرُ وُجُودُ عِيسَى مِنْ غَيْرِ أَبٍ مَنْ يُقِرُّ بِوُجُودِ آدَمَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ؟ وَوُجُودِ حَوَّاءَ مِنْ غَيْرِ أُمٍّ؟ فَآدَمُ وَعِيسَى نَظِيرَانِ يَجْمَعُهُمَا الْمَعْنَى الَّذِي يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِيجَادِ وَالْخَلْقِ بِهِ.........وَأَمَّا ﴿قِيَاسُ الدَّلَالَةِ﴾ فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ وَمَلْزُومِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّك تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فَدَلَّ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ الْإِحْيَاءِ الَّذِي تَحَقَّقُوهُ وَشَاهَدُوهُ عَلَى الْإِحْيَاءِ الَّذِي اسْتَبْعَدُوهُ، وَذَلِكَ قِيَاسُ إحْيَاءٍ عَلَى إحْيَاءٍ، وَاعْتِبَارُ الشَّيْءِ بِنَظِيرِهِ؛ وَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ هِيَ عُمُومُ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَكَمَالُ حِكْمَتِهِ؛ وَإِحْيَاءُ الْأَرْضِ دَلِيلُ الْعِلَّةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ فَدَلَّ بِالنَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ، وَقَرَّبَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ جِدًّا بِلَفْظِ الْإِخْرَاجِ، أَيْ يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَرْضِ أَحْيَاءً كَمَا يَخْرُجُ الْحَيُّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيَخْرُجُ الْمَيِّتُ مِنْ الْحَيِّ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ . فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ كَيْفِيَّةَ الْخَلْقِ وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمَاءِ فِي الرَّحِمِ إلَى أَنْ صَارَ مِنْهُ الزَّوْجَانِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَذَلِكَ أَمَارَةُ وُجُودِ صَانِعٍ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ، وَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ: عِبَادَهُ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي النُّطْفَةِ الْمُهِينَةِ الْحَقِيرَةِ مِنْ الْأَطْوَارِ، وَسَوْقُهَا فِي مَرَاتِبِ الْكَمَالِ مِنْ مَرْتَبَةٍ إلَى مَرْتَبَةٍ أَعْلَى مِنْهَا، حَتَّى صَارَتْ بَشَرًا سَوِيًّا فِي أَحْسَنِ خَلْقٍ وَتَقْوِيمٍ - عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ بِهِ أَنْ يَتْرُكَ هَذَا الْبَشَرَ سُدًى مُهْمَلًا مُعَطَّلًا لَا يَأْمُرُهُ وَلَا يَنْهَاهُ وَلَا يُقِيمُهُ فِي عُبُودِيَّتِهِ، وَقَدْ سَاقَهُ فِي مَرَاتِبِ الْكَمَالِ مِنْ حِينِ كَانَ نُطْفَةً إلَى أَنْ صَارَ بَشَرًا سَوِيًّا، فَكَذَلِكَ يَسُوقُهُ فِي مَرَاتِبِ كَمَالِهِ طَبَقًا بَعْدَ طَبَقٍ وَحَالًا بَعْدَ حَالٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ جَارَهُ فِي دَارِهِ يَتَمَتَّعُ بِأَنْوَاعِ النَّعِيمِ، وَيَنْظُرُ إلَى وَجْهِهِ، وَيَسْمَعُ كَلَامَهُ....... ﴿وَأَمَّا قِيَاسُ الشَّبَهِ﴾ فَلَمْ يَحْكِهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إلَّا عَنْ الْمُبْطِلِينَ؛ فَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ إخْوَةِ يُوسُفَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَمَّا وَجَدُوا الصُّوَاعَ فِي رَحْلِ أَخِيهِمْ: ﴿إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ فَلَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِعِلَّةٍ وَلَا دَلِيلِهَا، وَإِنَّمَا أَلْحَقُوا أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ جَامِعٍ سِوَى مُجَرَّدِ الشَّبَهِ الْجَامِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يُوسُفَ، فَقَالُوا: هَذَا مَقِيسٌ عَلَى أَخِيهِ، بَيْنَهُمَا شَبَهٌ مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ، وَذَاكَ قَدْ سَرَقَ فَكَذَلِكَ هَذَا، وَهَذَا هُوَ الْجَمْعُ بِالشَّبَهِ الْفَارِغِ، وَالْقِيَاسِ بِالصُّورَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّسَاوِي، وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ، وَالتَّسَاوِي فِي قَرَابَةِ الْأُخُوَّةِ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلتَّسَاوِي فِي السَّرِقَةِ لَوْ كَانَتْ حَقًّا، وَلَا دَلِيلَ عَلَى التَّسَاوِي فِيهَا؛ فَيَكُونُ الْجَمْعُ لِنَوْعِ شَبَهٍ خَالٍ عَنْ الْعِلَّةِ وَدَلِيلِهَا.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿مَا نَرَاكَ إلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾ فَاعْتُبِرُوا صُورَةَ مُجَرَّدِ الْآدَمِيَّةِ وَشَبَهَ الْمُجَانَسَةِ فِيهَا، وَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ أَحَدِ الشَّبَهَيْنِ حُكْمُ الْآخَرِ؛ فَكَمَا لَا نَكُونُ نَحْنُ رُسُلًا فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ، فَإِذَا تَسَاوَيْنَا فِي هَذَا الشَّبَهِ فَأَنْتُمْ مِثْلُنَا لَا مَزِيَّةَ لَكُمْ عَلَيْنَا، وَهَذَا مِنْ أبطل الْقِيَاسِ؛ فَإِنَّ الْوَاقِعَ مِنْ التَّخْصِيصِ وَالتَّفْضِيلِ وَجَعْلِ بَعْضِ هَذَا النَّوْعِ شَرِيفًا وَبَعْضَهُ دَنِيًّا، وَبَعْضَهُ مَرْءُوسًا وَبَعْضَهُ رَئِيسًا، وَبَعْضَهُ مَلِكًا وَبَعْضَهُ سُوقَةً، يُبْطِلُ هَذَا الْقِيَاسَ، كَمَا أَشَارَ سُبْحَانَهُ إلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّك نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سِخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّك خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ . وَأَجَابَتْ الرُّسُلُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِقَوْلِهِمْ: ﴿إنْ نَحْنُ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ وَأَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ .......وَمِنْ هَذَا قِيَاسُ الْمُشْرِكِينَ الرِّبَا عَلَى الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ الصُّورِيِّ، وَمِنْهُ قِيَاسُهُمْ الْمَيْتَةَ عَلَى الْمُذَكَّى فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَجِئْ هَذَا الْقِيَاسُ فِي الْقُرْآنِ إلَّا مَرْدُودًا مَذْمُومًا) انتهي من اعلام الموقعين باختصار ومن ارد المزيد من الامثلة فليرجع اليه
অজানা পৃষ্ঠা
أول من نقل عنه القول بالقياس
لقد عمل الصحابة والتابعون بالقياس وقد تواتر ذلك عنهم الي ان جاء النظام أبو إسحاق إبراهيم بن سيار (١) شيخ المعتزلة فقال بنفي القياس والاجتهاد في الاحكام
_________
(١) النظام:هوإبراهيم بن سيار بن هانئ النظام أبو إسحاق البصري مولى بني بحير بن الحارث بن عباد الضبعي من رؤوس المعتزلة متهم بالزندقة وكان شاعرًا أديبًا بليغًا وله كتب كثيرة في الاعتزال والفلسفة ذكرها النديم قال ابن قتيبة في اختلاف الحديث له كان شاطرا من الشطار مشهورًا بالفسق ثم ذكر من مفرداته أنه كان يزعم أن الله يحدث الدنيا وما فيها في كل حين من غير أن يفنيها وجوز أن يجتمع المسلمون على الخطأ وإن النبي ﷺ لم يختص بأنه بعث إلى الناس كافة بل كل نبي قبله بعثته كانت إلى جميع الخلق لأن معجزة النبي ﷺ تبلغ آفاق الأرض فيجب على كل من سمعها تصديقه واتباعه وأن جميع كتابات الطلاق لا يقع بها طلاق سواء نوى أو لم ينو وأن النوم لا ينقض الوضوء وأن السبب في اطباق الناس على وجوب الوضوء على النائم وأن العادة جرت أن نائم الليل إذا قام بادر إلى التخلي وربما كان لعينيه نهض فلما رأوا أوائلهم إذا انتبهوا توضئوا ظنوا أن ذلك لأجل النوم وعاب على أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود الفتوى بالرأي مع ثبوت النقل عنهم في ذم القول بالرأي. وقال عبد الجبار المعتزلي في طبقات المعتزلة كان أميًا لا يكتب وقال أبو العباس بن العاص في كتاب الانتصار كان أشد الناس إزراء على أهل الحديث وهو القائل زوائل الأسفار لا علم عندهم بما يحتوي إلا كعلم الأباعر مات في خلافة المعتصم سنة إحدى وثلاثين ومائتين.) انتهي من لسان الميزان لابن حجر باب من اسمه ابراهيم
1 / 3
وتبعه علي قوله هذا داؤود بن علي بن خلف (٢) مؤسس المذهب
الظاهري وتبعه علي ذلك الظاهرية، وقال بهذا القول ايضا الشيعة والامر كما تري فما خرج راي مخالف لما كان عليه السلف الصالح الا وكانت له جذور بدعة من البدع فانت تري ان اصل المسألة هو النظام المعتزلي والامر في غاية الاضطراب وعدم الفهم فهؤلاء بالذات يقدسون العقل ويقدمونه علي النقل بل يجعلونه حامكا عليه والقياس امر عقلي لانه استخراج علية الحكم او تنقيحها او تحقيقها في فرع لكنهم خالفوا اصولهم وكذلك الشيعة يعظمون العقل
فانت تري تلاعب الشيطان بهؤلاء يعظمون العقل فينفون الصفات ويتأولونها بحجة ان العقل لا يقبلها ويري فيها تشبيها للخالق بالمخلوق وتراهم هنا حيث يجب اعمل العقل في القياس يقولون بان العقل لا يمكن اعماله ههنا في اثبات علة للحكم او مصلحة لهذا الحكم ولابد لكل انسان ان يستدل علي ما يعتقد وما يفعل ولابد ان يجد دليلا او شبهة دليل ولو دققت الامر في الفرق التي خرجت عن اهل السنة لرأيت انهم يستدولون بالقران والسنة ولكنه استدلال في غير محله
_________
(٢) داؤود بن علي: ولد سنة اثنتين ومائتين ومات سنة سبعين ومائتين وأخذ العلم عن إسحاق بن راهويه وأبي ثور وكان زاهدًا متقللًا. قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب (١): كان داود عقله أكثر من علمه. وقيل أنه (٢) كان في مجلسه أربعمائة صاحب طيلسان أخضر وكان من المتعصبين للشافعي وصنف كتابين في فضائله والثناء عليه وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد، وأصله من أصفهان ومولده بالكوفة، ومنشؤه ببغداد، وقبره بها في الشونيزية.) انتهي من طبقات الفقهاء لأبي اسحاق الشيرازي
1 / 4
المبحث الاول في أدلة نفاة القياس
استدل هؤلاء بادلة عديدة من الكتاب والسنة والاثار والمعقول فقالوا:
أولا:- أدلتهم من القران الكريم
اولا: ان القياس طريق غير مأمون لانه عمل بالظن وقد قال الله (ان الظن لا يغني م الحق شيئا) يونس ٣٦ وقوله (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) الانعام ١١٦ وقوله تعالي (ولا تقف ماليس لك به علم) الاسراء ٣٦ وقول النبي صلي الله عليه وسلم ﴿اياكم والظن فان الظن اكذب الحديث﴾ متفق عليه من حديث أبي هريرة
ثانيا: قوله تعالي (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) النساء ١٠٥ قالوا بما أراك الله لا بما رأيت.وقال تعالي (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ على نَفْسِي وَإِنِ اهتديت فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) [سبأ: ٥٠] فلو كان القياس هدى لم ينحصر الهدى في الوحي. نسب ذلك اليهم الشنقيطي في اضواء البيان
ثالثا: ان القياس فيه اختلاف كثير وهذا دليل بطلانه لانه لو كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف واستدلوا بقوله تعالي (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء ٨٢
ثانيا: قالوا ان العمل بالقياس حكم بغير ما انزل الله وفي هذا ما فيه وقالوا انه تشريع في دين الله لم ياذن به الله ولا رسوله واستدلوا بقوله تعالي: (زمن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون) وقوله تعالي (ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وغيرها من الايات التي في نفس المعني، (قال أبو محمد فنص رسول الله ﷺ على أن ما لم يوجبه فهو غير واجب وما أوجبه بأمره فواجب ما أستطيع منه وأن ما لم يحرمه فهو حلال وأن ما نهى عنه فهو حرام فأين للقياس مدخل والنصوص قد استوعبت كل ما اختلف الناس فيه وكل نازلة تنزل إلى يوم القيامة باسمها وبالله تعالى التوفيق
وقال تعالى ﴿أم لهم شركاء شرعوا لهم من لدين ما لم يأذن به لله ولولا كلمة لفصل لقضي بينهم وإن لظالمين لهم عذاب أليم﴾
قال أبو محمد فصح بالنص أن كل ما لم ينص عليه فهو شيء لم يأذن به الله تعالى وهذه صفة القياس وهذا حرام
وقال تعالى ﴿وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بلكتاب لتحسبوه من لكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند لله ويقولون على لله لكذب وهم يعلمون﴾
قال أبو محمد فكل ما ليس في القرآن والسنة منصوصا باسمه واجبا مأمورا به أو منهيا عنه فمن أوجبه أو جرمه أو خالف لما جاء به النص فهو من عند غير الله تعالى والقياس غير منصوص على الأمر به فيهما فهو من عند غير الله تعالى وما كان من عند غير الله تعالى فهو باطل)
1 / 5
رابعا: (قالوا لا يجوز الحكم البتة في شيء من الأشياء كلها إلا بنص كلام الله تعالى أو نص كلام النبي ﷺ أو بما صح عنه ﷺ من فعل أو إقرار أو إجماع من جميع علماء الأمة كلها متيقن أنه قاله كل واحد منهم دون مخالف من أحد منهم أو بدليل من النص أو من الإجماع المذكور الذي لا يحتمل إلا وجها واحدا والإجماع عند هؤلاء راجع إلى توقيف من رسول الله ﷺ ولا بد من لا يجوز غير ذلك أصلا) انتهي من الاحكام لابن حزم
خامسا: قالوا ان الشريعة اشتملت علي جميع الاحكام قال تعالي (ما فرطنا في الكتاب من شئ) الانعام ٣٨ وقوله تعالي (تبيانا لكل شيئ) النحل ٨٩ وقوله تعالي (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلك لَرَحْمَةً وذكرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) العنكبوت: ٥١ وقوله تعالي (اليوم اكملت لكم دينكم) المائدة ٣ وقوله تعالى ﴿ومن لإبل ثنين ومن لبقر ثنين قل ءآلذكرين حرم أم لأنثيين أما شتملت عليه أرحام لأنثيين أم كنتم شهدآء إذ وصاكم لله بهذا فمن أظلم ممن فترى على لله كذبا ليضل لناس بغير علم إن لله لا يهدي لقوم لظالمين﴾ الانعام ١٤٤
(قال أبو محمد فصح أن كل ما لم يأتنا به وصية من عند الله ﷿ فهو افتراء على الله كذب وناسبه إلى الله تعالى ظالم ولم تأتنا وصية قط من قبله تعالى بالحكم بالقياس فهو افتراء وباطل وكذب بل جاءتنا وصاياه ﷿ بألا نتعدى كلامه وكلام رسوله ﷺ وألا نحرم ولا نوجب إلا ما أوجبا وحرما ونهيا فقط فبطل كل ما عدا ذلك والقياس مما عدا ذلك فهو باطل) انتهي من الاحكام لابن حزم
خامسا: استدلوا بقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) قالوا ان الله نهانا ان نتقدم بين يديه ويدي رسوله برأي والقياس تقديم بين يدي الله ورسوله لانه حكم بغير قوليهما سادسا: قالوا ان مالا نجد له حكما وجب علينا فيه استصحاب البراءة الاصليه واستدلوا بقوله تعالي (هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا) البقرة ٢٩ وقوله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة ١٦٨ وقالوا ان براءة الذمة متيقنة والقياس مظنون فكيف نترك المقطوع به لنعمل بالمظنون
خامسا: استدلوا بقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) قالوا ان الله نهانا ان نتقدم بين يديه ويدي رسوله برأي والقياس تقديم بين يدي الله ورسوله لانه حكم بغير قوليهما سادسا: قالوا ان مالا نجد له حكما وجب علينا فيه استصحاب البراءة الاصليه واستدلوا بقوله تعالي (هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا) البقرة ٢٩ وقوله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة ١٦٨ وقالوا ان براءة الذمة متيقنة والقياس مظنون فكيف نترك المقطوع به لنعمل بالمظنون
অজানা পৃষ্ঠা
سابعا: قالوا ان الواجب عند التنازع في مسألة الرد الي كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وليس الي القياس الذي مرجعه الي الظنون قال تعالي (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) الاعراف ٣ وقوله (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) الشوري ١٠ وقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء ٥٩ وقوله (وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ الله) المائدة ٤٩ وقوله (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء ٦٥
1 / 6
ثانيا:- أدلتهم من السنة
وردت بعض الاحاديث بذم الرأي واتباع المقاييس
كقوله صلي الله عليه وسلم فيما رواه ابن حزم بسنده في الاحكام حدثنا المهلب ثنا بن مناس نا ابن مسرور نا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن أبي الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة قال سمعت عروة بن الزبير يقول ما زال أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوهم) وأخرج ابن عبد البر عن عروة بن الزبير أنه قال لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما حتى أدركت فيهم المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوا بني إسرائيل) وبما روي عَنْ النَّبِيِّ ﷺ " تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَشَدُّهَا فِتْنَةً عَلَى أُمَّتِي قَوْمٌ يَقِيسُونَ الأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ فَيُحِلُّونَ الْحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الْحَلالَ " انظر المحلي لابن حزم في قتل اهل البغي واخرجه ايضا الحاكم في المستدرك عن عوف بن مالك ثم قال (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) وكقوله ﵇: ﴿تَعْمَلُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بُرْهَةً بِالْكِتَابِ، وَبُرْهَةً بِالسُّنَّةِ، وَبُرْهَةً بِالْقِيَاسِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ ضَلُّوا﴾) من المستصفي للغزالي واخرجه ايضا ابن حزم في الاحكام في فصل في ابطال القياس
واستدلوا بقوله صلي الله عليه وسلم عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ ﴿إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ﴾ والحديث متفق عليه رواه البخاري ومسلم عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
وقوله ﴿إنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ لَهَا رَحْمَةً لَكُمْ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا﴾ من حديث ابي ثعلبة الخشني اخرجه الدارقطني والبيهقي وغيرهما وقال النووي في رياض الصالحين حديث حسن وقال الدكتور ماهر يسن الفحل محقق الكتاب حديث ضعيف
1 / 7
تاسعا: ورد عن بعض السلف ذم القياس والعمل به كعمر بن الخطاب
(عن محمد بن إبراهيم قال قال عمر بن الخطاب إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلت منهم أن يحفظوه فقالوا في الدين برأيهم) الاحكام لابن حزم
(وقال علي ﵁ لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقال ابن مسعود ﵁ قراؤكم وصلحاؤكم يذهبون ويتخذ الناس رؤساء جهالا فيقيسون مالم يكن بما كان وقوله إن حكمتم الرأي أحللتم كثيرا مما حرمه الله عليكم وحرمتم كثيرا مما أحله وقول ابن عباس إن الله لم يجعل لأحد أن يحكم برأيه وقال لنبيه لتحكم بين الناس بما أراك الله ولم يقل بما رأيت وقوله إياكم والمقاييس فما عبدت الشمس إلا بالمقاييس وقال ابن عمر ذروني من أرأيت وأرأيت) روضة الناظر لابن قدامة وأخرج ابن عبد البر بإسناده إلى ابن مسعود قال ليس عام إلا الذي بعده شر منه لا أقول عام أبتر من عام ولا عام أخصب من عام ولأمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيهدم الإسلام وينثلم وأخرجه البيهقي بإسناد رجاله ثقات وأخرج أيضا عن الشعبي أنه قال إياكم والمقايسة فو الذي نفسي بيده لئن أخذتم بالمقايسة لتحلن الحرام ولتحرمن الحلال ولكن ما بلغكم ممن حفظ عن أصحاب رسول الله ﷺ فاحفظوه) واخرجه أيضاالدارمي في السنن رقم ١١٠ باب التَّوَرُّعِ عَنِ الْجَوَابِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلاَ سُنَّةٌ
1 / 8
ثالثا:- أدلتهم من المعقول
عاشرا: قالوا أن الرسول ﷺ قد أوتي جوامع الكلم فكيف يليق به أن يترك الوجيز المفهم إلى الطويل الموهم فيعدل عن قوله: حرمت الربا في كل مطعوم أو كل مكيل، إلى عد الأشياء الستة ليرتبك الخلق في ظلمات الجهل؟) انتهي من المستصفي
حادي عشر: قالوا ان الشرع مبني علي التعبد وقد جاء بالجمع بين المختلفات والتفريق بين المتماثلات وضربوا أمثلة لذلك منها أن القتل أكبر من الزنا، ومع هذا فقد جعل الله في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة، وإن البول أنجس من المني، ومع هذا جعل الله في البول وضوءا وفي المني غسلًا، وأن الصلاة أعظم من الصيام، ومع هذا فقد وجب على الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ومنها ان الشرع اوجب تطهير ما اصابه بول الجارية ولم يوجبه من بول الصبي وهما في سن واحدة اي ما لم ياكلا ومنها ان الشرع جعل الكفارة اليمين والظهار والقتل الخطأ وهي اشياء مختلفة وهذا دليل النظام في نفي القياس
مما مضي يتبين لك ان المانعين للقياس لهم ادلة يتمسكون بها والقارئ لهذه الادلة لاول وهلة يقتنع بها ان لم يكن له في العلم رسوخ ولذا حذر سلفنا الصالح من قراءة كتب اهل البدع كالمعتزلة والاشاعرة والمرجئة وغيرهم،
وباذن الله سناتي علي هذه الادلة بالنقض والرد حتي يتبين لك بطلانها وان الحق مع جماهير العلماء من الاصوليين القائلين بحجية القياس
1 / 9
المبحث الثاني:في ادلة القائلين بحجية القياس
مقدمة
بداية اقول ان من الاصوليين من عبر بحجية القياس ومنهم من عبر بالتعبد بالقياس والا فرق بين التعبيرين لان مقتضاهما واحد فاذا كان القياس حجة جاز التعبد به فممن عبر (: «بحجية القياس» الفخر الرازي والشيرازي والزركشي وابن السبكي والأسنوي والشوكاني، وعبر آخرون بلفظ «التعبد» به نحو الغزالي، وابن قدامة وابن الحاجب والآمدي.
والحجة - هي الدليل والبرهان، والمراد بكون القياس حجة: أنه دليل من أدلة الأحكام الشرعية، نصبه الشارع للتعريف ببعض الأحكام.
وأما التعبد -فهو أن يوجب الشارع العمل بموجبه- بقطع النظر عن أن يكون ممتنعا عقلا أوجائزا أو واجبا.
وإيجاب الشارع العمل به إما أن يكون إيجابا لنفس القياس، فيكون بمثابة قول الشارع: «إذا وجدتم مساواة بين أصل وفرع في علة حكمه فأثبتوا نفس حكم الأصل للفرع» .
وإما أن يكون إيجابا للعمل بمقتضى القياس، وذلك كإيجاب العمل بمقتضى نصوص الكتاب والسنة.
وظاهر أن القياس -بحد ذاته- ليس عبادة: كالصلاة والصيام: فالتعبد به إنما يتم بطريق العمل بمقتضاه، وذلك أمر لا يتحقق إلا بعد القيام بإلحاق الفرع بالأصل، واعتبار أن هذا الإلحاق -بشروطه- حجة، فكونه حجة يقتضي وجوب
التعبدية: فالتعبد به ما هو إلا ثمرة لحجيته، والتلازم بين الأمرين واضح.
1 / 10
وقد قال الإمام الرازي: «المراد من قولنا: القياس حجة أنه إذا حصل للمجتهد ظن أن حكم هذه الصورة مثل حكم تلك الصورة فهو مكلف بالعمل به في نفسه، ومكلف بأن يفتي به غيره
قال الباجي رحمه الله تعالى (أجمع الصحابة والتابعون ومن بعدهم من الفقهاء والمتكلمين وأهل القدوة على جواز التعبد بالقياس، وأنه قد ورد التعبد بالصحيح منه)
... وقال الرازي رحمه الله تعالى: (والذي نذهب إليه وهو قول الجمهور من علماء الصحابة والتابعين أن القياس حجة في الشرع)
... وكما أن القياس محل العمل والاعتبار عند الصحابة والتابعين فكذلك هو عند جمهور الأصوليين) انتهي من بحث العَقْلُ عند الأصوليين د. علي بن سعد الضويحي
اما الادلة في اثبات حجية القياس فهي
অজানা পৃষ্ঠা
أولا:- من الكتاب العزيز
أولا قووله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء (٥٩)
قال الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (المسألة الرابعة: اعلم أن قوله: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول﴾ يدل عندنا على أن القياس حجة، والذي يدل على ذلك أن قوله: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء﴾ إما أن يكون المراد فان اختلفتم في شيء حكمه منصوص عليه في الكتاب أو السنة أو الاجماع، أو المراد فان اختلفتم في شيء حكمه غير منصوص عليه في شيء من هذه الثلاثة، والأول باطل لأن على ذلك التقدير وجب عليه طاعته فكان ذلك داخلا تحت قوله: ﴿أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِى الأمر مِنْكُمْ﴾ وحينئذ يصير قوله: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول﴾ إعادة لعين ما مضى، وإنه غير جائز. وإذا بطل هذا القسم تعين الثاني وهو أن المراد: فان تنازعتم في شيء حكمه غير مذكور في الكتاب والسنة والاجماع، واذا كان كذلك لم يكن المراد من قوله: ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول﴾ طلب حكمه من نصوص الكتاب والسنة. فوجب أن يكون المراد رد حكمه إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له، وذلك هو القياس، فثبت أن الآية دالة على الأمر بالقياس.
فان قيل: لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله: ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول﴾ أي فوضوا علمه إلى الله واسكتوا عنه ولا تتعرضوا له؟ وأيضًا فلم لا يجوز ان يكون المراد فردوا غير المنصوص إلى المنصوص في أنه لا يحكم فيه إلا بالنص؟ وأيضا لم يجوزلا أن يكون المراد فردوا هذه الأحكام إلى البراءة الأصلية؟
1 / 11
قلنا: أما الأول فمدفوع، وذلك لأن هذه الآية دلت على أنه تعالى جعل الوقائع قسمين، منها ما يكون حكمها منصوصا عليه، ومنها ما لا يكون كذلك، ثم أمر في القسم الأول بالطاعة والانقياد، وأمر في القسم الثاني بالرد إلى الله وإلى الرسول، ولا يجوز أن يكون المراد بهذا الرد السكوت، لأن الواقعة ربما كانت لا تحتمل ذلك، بل لا بد من قطع الشغب والخصومة فيها بنفي أو إثبات، واذا كان كذلك امتنع حمل الرد إلى الله على السكوت عن تلك الواقعة، وبهذا الجواب يظهر فساد السؤال الثالث.
وأما السؤال الثاني: فجوابه أن البراءة الأصلية معلومة بحكم العقل، فلا يكون رد الواقعة اليها ردا إلى الله بوجه من الوجوه، أما إذا رددنا حكم الواقعة إلى الأحكام المنصوص عليها كان هذا ردا للواقعة على أحكام الله تعالى، فكان حمل اللفظ على هذا الوجه أولى.) انتهي
وقد قال نفس الكلام ابن عادل في تفسيره اللباب فقال (دلت هذه الآيةُ على أنَّ القياس حُجَّة)
ثانيا قوله تعالي (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء٨٣ قال ابن عادل في تفسير اللباب
1 / 12
(دلت هذه الآية على أنَّ القياس حُجَّة؛ لأن قوله: ﴿الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ صفة لأولي الأمْر، وقد أوْجَبَ الله على الذين يجيئُهُم أمْرَيْن: الأمن، أو الخوف أن يَرْجَعُوا في مَعْرِفَتِه إليهم ولا يَخْلُو إمَّا أن يَرْجِعُوا إليهم في مَعْرِفَة هذه الوَقَائِع مع حُصُول النَّصِّ فيها أوْ لا، والأوَّل باطل؛ لأن من استدلَّ بالنَّصِّ في واقِعَةٍ لا يُقَال: إنه استنبط الحكم؛ فثبت أنه - تعالى- أمَر المكَلَّف بِرَدِّ الوَقِعة إلى من يَسْتَنْبِط الحُكْم فيها، ولَوْلاَ أن الاسْتِنبَاط حُجَّة، لما أمَر المُكَلَّف بذلك؛ فَثَبَت أن الاستِنْبَاط حُجَّة الي ان قال فإن قيل: لا نُسَلَّم أن المراد ب ﴿الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ أولي الأمْر، لكن هذه الآيَة إنَّما نزلت في بَيَان الوَقَائِع المُتَعَلِّقة بالحُرُوب والجِهَاد، فهَبْ أن الرُّجُوع إلى الاستنبَاط جَائِزٌ فيها، فَلِمَ قُلْتُم بجوازِه في الوَقَائِع الشَّرْعِيَّة؛ فإن قِيْسَ أحد البَابَيْن على الآخَر، كان ذَلِك إثْبَاتًا للقِيَاس الشَّرْعِيِّ بالقِياس، وأنَّه لا يجُوز أن الاسْتِنْبَاط في الأحْكَام الشَّرْعِيَّة داخل تحت الآية فلمَّا قُلْتُم يلزم أن يُكون القِيَاس حُجَّة، فإنَّه يمكنُ أن يكُون المُرادَ بالاسْتِنْبَاط: استخراج الأحْكَام من النُّصُوص الخَفِيَّة، أو مِنْ تركيبَات النُّصوصِ، أو المراد منه استخراج الأحكام من البَرَاءة، الأصليَّة، أو مما ثَبَت بحكم العَقْلِ، كما يقول الأكَثُرون إن الأصْل في المَنَافِع الإبَاحَة، وفي المَضَارِّ الحُرْمَة.سلمنا أنَّ القِيَاس الشَّرْعِي داخلٌ في الآية، لكن بِشَرْط أن يكون القياسُ مُفِيدًا للعِلْم؛ لقوله - تعالى-: ﴿لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ . فاعتبر حُصُول العِلْم من هذا الاستِنْبَاط، ونِزَاع في مثل هذا القِيَاس، إنما النِّزاع في
1 / 13
القِياس الَّذِي يفيد الظَّنَّ: هل هو حُجَّة في الشرع، أمْ لا.والجواب: أمَّا الأوَّل فلا يصح؛ لأنَّه يَصِيرُ التقدير: أو رَدُّوه إلى الرَّسُول وَإلى أولِي الأمْر مِنْهُم لَعَلِمُوه، وعَطْف المظهر على المُضْمَر، وهو قوله: «ولو ردوه» قَبِيح مستكره.
وأما الثَّاني فَمَدْفُوع من وَجْهَيْن:
أحدهما: أن قوله: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمن أَوِ الخوف﴾ حاصل في كل ما يتعلَّق بباب التَّكْلِيف، فَلَيْس في الآيَة ما يوجِبُ تَخْصِيصها بأمر الحُرُوبِ.
وثانيها: هَبْ أن الأمْر كما ذكرْتم، لكن لمَّا ثَبَت تَعَرُّف أحْكَام الحروب بالقِيَاس الشَّرْعِي، وجب أن يتمسَّك بالقِيَاس الشَّرْعِيِّ في سَائِر لوَقَائِع، لأنه لا قائل بالفَرْق.
وأما الثَّالث: وهو حَمْل الاستِنْبَاط على اسْتِخْرَاج النُّصُوص الخَفِيَّة أو على تَرْكيبات النُّصوص الخَفِيَّة أو على تَرْكِيبات النُّصُوص، فكلُّ ذلك لا يُخْرِجُه عن كونه مَنْصُوصًا، والتَّمَسُّك بالنَّصِّ لا يُسَمَّى استِنْبَاطًا.
وأما قوله: لا يجوزُ حَملُه على التَّمسُّكِ بالبَرَاءة الأصْلِيَّة.
قلنا: لَيْسَ هذا استِنْبَاطًا، بل هذا إبقاء لما كان على ما كان، ومثل هذا لا يُسَمَّى استِنْبَاطًا.
وأما الرابع: وهو أن هذا الاستِنْبَاط إنَّما يجُوز عند حُصُول العِلْم، والقياس الشَّرْعِيِّ لا يفيد العِلْم.
فنقول: جوابُه من وجهين:
1 / 14
أحدُهُما: أنَّه عندنا يُفِيدُ العِلْم؛ أن ثُبُوت إن القِيَاسَ حجَّة يقطع بأنَّه مهما غَلَب على الظَّنِّ أنَّ حُكْم الله في الأصْل معلَّل بكذا، ثمَّ غَلَب على الظَّنِّ أنَّ ذلك المَعْنَى قَائِمٌ في الفَرْع، فهنا يحصل ظنُّ أنَّ حُكم الله في الفَرْعِ مُسَاوٍ لحُكْمِه في الأصْل، وعند هذا الظَّنِّ يُقْطَع بأنَّه مكَلَّفٌ بأن يعمل على وَفْق هذا الظَّنِّ؛ فالحاصل: أن الظَّنَّ واقع في طَرِيق الحُكْم، وأما الحُكْمُ فمقطوع به، وهو يجري مَجْرَى ما إذا قَالَ الله - تعالى-: مهما غَلَب عَلى ظنِّك كذَا، فاعلم أنَّ حُكْمِي في الوَاقِعَة كذا، فإذا غَلَب الظَّنُّ قَطَعْنَا بثُبُوت ذلك الحُكْمِ.انتهي من تفسير اللباب لابن عادل وهو كذلك نص كلام فخر الدين الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب
ثالثا قوله تعالى: ﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾ (الحشر:٢)
وجه الدلالة: أن الاعتبار هو لغة: مقايسة الشيء بغيره.
قال الزركشي في البحر المحيط (وَقَدْ سُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ اللِّسَانِ عَنْ " الِاعْتِبَارِ " فَقَالَ: أَنْ يَعْقِلَ الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ فَيَعْقِلُ مِثْلَهُ.
فَقِيلَ: أَخْبِرْنَا عَمَّنْ رَدَّ حُكْمَ حَادِثَةٍ إلَى نَظِيرِهَا أَيَكُونُ مُعْتَبَرًا؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.) قال الشوكاني في ارشاد الفحول
1 / 15
(ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الاعتبار مشتق من العبور وهو المجاوزة يقال عبرت على النهر والمعبر الموضع الذي يعبر عليه والمعبر السفينة التي يعبر فيها أداة العبور والعبرة الدمعة التي عبرت من الجفن وعبر الرؤيا جاوزها إلى ما يلازمها قالوا فثبت بهذه الاستعمالات أن الاعتبار حقيقة في المجاوزة فوجب أن لا يكون حقيقة في غيرها دفعا للاشتراك والقياس عبور من حكم الأصل إلى حكم الفرع فكان داخلا تحت الأمر) فالاعتبار هو تمثيل الشيء بغيره، وإجراء حكمه عليه، ومساواته به، وهذا هو القياس ومنه قولهم: " اعتبر الدينار بالصنجة " قس الدينار بالصنجة، وهو القياس
والاعتبار مأمورٌ به لقوله ﴿فاعتبروا﴾ فيكون القياس مأمورًا به
وقال ابن رشد في كتابه فصل المقال (وهذا نص على وجوب استعمال القياس العقلي، أو العقلي والشرعي معًا.)
وقال (قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: الْقِيَاسُ دِينٌ، وَعِنْدَ أَبِي الْهُذَيْلِ: لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ دِينٍ، وَهُوَ فِي بَعْضِ كَلَامِ الْقَاضِي.
وَعِنْدَ الْجُبَّائِيِّ: الْوَاجِبُ مِنْهُ دِينٌ.انْتَهَى.وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: الْقِيَاسُ عِنْدَنَا دِينُ اللَّهِ وَحُجَّتُهُ وَشَرْعُهُ.انْتَهَى.) انتهي من شرح الكوكب المنير
وقال الزركشي في البحر المحيط (وَاعْتَمَدَ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي إثْبَاتِهِ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ اسْمٌ يَتَنَاوَلُ تَمْثِيلَ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ، وَاعْتِبَارَهُ بِهِ، وَإِجْرَاءَ حُكْمِهِ عَلَيْهِ، وَالتَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ.)
رابعا قوله تعالى ﴿فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدلٍ منكم﴾ (المائدة:٩٥) قال الدكتور علي النملة في اتحاف ذوي البصائر ج٧ ص ١١٩
1 / 16