إن السلف الذين جمعوا القرآن في المصاحف بعد أن كان متفرقا في الصدور، والذين جمعوا الناس على قراءة زيد، بعد أن كان غيرها مطلقا غير محظور، والذين حصنوه ومنعوه الزيادة والنقصان لو كانوا جمعوا علامات النبي صلى الله عليه وسلم، وبرهانه، ودلائله وآياته وصنوف بدائعه، وأنواع عجائبه في مقامه وظعنه، وعند دعائه واحتجاجه في الجمع العظيم، وبحضرة العدد الكثير الذي لا يستطيع الشك في خبرهم إلا الغبي الجاهل، والعدو المائل، لما استطاع اليوم أن يدفع كونها وصحة مجيئها، لا زنديق جاحد، ولا دهري معاند، ولا متطرف ماجن، ولا ضعيف مخدوع، ولا حدث مغرور؛ ولكان مشهورا في عوامنا كشهرته في خواصنا، ولكان استبصار جميع أعياننا في حقهم كاستبصارهم في باطل نصاراهم ومجوسهم، ولما وجد الملحد موضع طمع في غني يستميله، وفي حدث يموه له.
ولولا كثرة ضعفائنا مع كثرة الدخلاء فينا، الذين نطقوا بألسنتنا، واستعانوا بعقولنا على أغبيائنا وأغمارنا، لما تكلفنا كشف الظاهر، وإظهار البارز، والاحتجاج الواضح.
إلا أن الذي دعا سلفنا إلى ذلك، الاتكال على ظهورها واستفاضة أمرها.
পৃষ্ঠা ২২৭