قلنا: إن علمنا بذلك كعلمنا بأن العباس وحمزة وعليا وأبا بكر وعمر، رضوان الله عليهم أجمعين، لم يكونوا منجمين، ولا أطباء متكهنين. وكيف يجوز أن يصير إنسان عالما بالنجوم من غير أن يختلف إلى المنجمين، أو يختلفوا إليه، أو يكون علم النجوم فاشيا في أهل بلاده، أو يكون في أهله واحد معروف به. ولو بلغ إنسان في علم النجوم، وليست معه علة من هذه العلل، وكان ذلك يخفى، لكان ذلك كبعض الآيات والعلامات.
ومتى رأينا حاذقا بالكلام، أو بالطب، أو بالحساب، أو بالغناء، أو بالنجوم، أو بالعروض، خفي على الناس موضعه وسببه؟ !
وجميع ما ذكرنا، فعناية الناس به وعداوتهم، وشهرته في نفسه، دون محمد صلى الله عليه وسلم.
وهل نصب أحد قط لأحد إلا بدون ما نصب له رهطه، وأدانى أهله، ومن معه في بيته وربعه.
وما أعرف - يرحمك الله - المعاند والمسترشد والمصدق والمكذب، ينكر أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن منجما ولا طبيبا. وإذا قال الجاهل: إنه قد كان يعلم الخط فخفي له ذلك، وتعلم الأسباب والقضاء في النجوم فخفي له ذلك، وتعلم البيان وقدر منه على ما يعجز أمثاله عنه وخفي ذلك، أليس مع قوله ما يعلم خلافه، يعلم أنه قد سلم له أعجوبة كأعجوبة إبراء الأكمه والأبرص، والمشي على الماء، إذ كان ذلك لا يجوز، ولا يمكن في الطبائع والعقل والتجربة.
পৃষ্ঠা ২৬৪