فصل منه على ذكرهم
وكل قوم بنوا دينهم على حب الأشكال، وشبه الرجال، يشتد وجدهم به وحبهم له، حتى ينقلب الحب عشقا، والوجد صبابة، للمشاكلة التي بين الطبائع، والمناسبة التي بين النفوس.
وعلى قدر ذلك يكون البغض والحقد، لأن النصارى حين جعلوا ربهم إنسانا مثلهم بخعت نفوسهم بالهيبة له لتوهمهم الربوبية، وأسمحت بالمودة لتوهمهم البشرية، فلذلك قدروا من العبادة على ما لم يقدر عليه من سواهم. وبمثل هذا السبب صارت المشبهة منا أعبد ممن ينفي التشبيه، حتى ربما رأيته يتنفس من الشوق إليه، ويشهق عند ذكر الزيارة، ويبكي عند ذكر الرؤية، ويغشى عليه عند ذكر رفع الحجب. وما ظنك بشوق من طمع في مجالسة ربه عز وجل، ومحادثة خالقه عز ذكره.
পৃষ্ঠা ২৫৩