ولم نقل أن العدد الكثير لا يجتمعون على الخبر الباطل، كالتكذيب والتصديق، ونحن قد نجد اليهود والنصارى، والمجوس والزنادقة، والدهرية وعباد البددة يكذبون النبي صلى الله عليه وسلم، وينكرون آياته وأعلامه، ويقولون: لم يأت بشيء، ولا بان بشيء. وإنما قلنا: إن العدد الكثير لا يتفقون على مثل إخبارهم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، التهامي الأبطحي عليه السلام خرج بمكة، ودعا إلى كذا، وأمر بكذا، ونهى عن كذا، وأباح كذا، وجاء بهذا الكتاب الذي نقرؤه، فوجب العمل بما فيه، وأنه تحدى البلغاء والخطباء والشعراء، بنظمه وتأليفه، في المواضع الكثيرة، والمحافل العظيمة. فلم يرم ذلك أحد ولا تكلفه، ولا أتى ببعضه ولا شبيه منه، ولا ادعى أنه قد فعل، فيكون ذلك الخبر باطلا.
وليس قول جمعهم إنه كان كاذبا معارضة لهذا الخبر، إلا أن يسموا الإنكار معارضة. وإنما المعارضة مثل الموازنة والمكايلة، فمتى قابلونا بأخبار في وزن أخبارنا ومخرجها ومجيئها، فقد عارضونا ووازنونا وقابلونا، وقد تكافينا وتدافعنا. فأما الإنكار فليس بحجة، كما أن الإقرار ليس بحجة، ولا تصديقنا النبي صلى الله عليه وسلم حجة على غيرنا، ولا تكذيب غيرنا له حجة علينا، وإنما الحجة في المجيء الذي لا يمكن في الباطل مثله.
فإن قلت: وأي مجيء أثبت خبر الأنصاري عن عيسى بن مريم عليه السلام؟ وذلك أنك لو سألت النصارى مجتمعين ومتفرقين لخبروك عن أسلافهم أن عيسى قد قال: إني إله.
পৃষ্ঠা ২৫১