নিঃশ্বাস নেওয়ার জন্য যুদ্ধবিরতি
هدنة لالتقاط الأنفاس
জনগুলি
كنت أحاول حلاقة ذقني بشفرة حلاقة كليلة بعض الشيء، بينما كانت المياه تنساب في حوض الاستحمام. نظر إلي وجهي في المرآة، وأسفلها في كأس المياه الموضوعة على الرف الصغير فوق حوض الغسيل، كانت توجد الأسنان الخاصة بذلك الوجه. كان ذلك طقم الأسنان المؤقت الذي أعطاه لي طبيب الأسنان خاصتي وورنر لأستخدمه حتى يصنع لي طقما جديدا. إن وجهي ليس بذلك القبح في الواقع؛ فهو وجه من تلك الوجوه ذات اللون البني المائل إلى الحمرة التي دائما ما يصاحبها شعر سمني اللون وعينان ذاتا لون أزرق فاتح. لم يصبني الشيب أو الصلع قط، حمدا لله، وعندما أركب طقم أسناني لا يبدو علي على الأرجح عمري الحقيقي، الذي هو الخامسة والأربعون.
ذكرت نفسي بضرورة شراء شفرات حلاقة جديدة، ودخلت إلى حوض الاستحمام وبدأت أغسل جسمي بالصابون. غسلت ذراعي (لدي ذراعان قصيرتان وسمينتان مبقعتان بالنمش حتى المرفقين) ثم أخذت فرشاة الظهر وغسلت بها كتفي من الخلف، اللذين لا أتمكن من الوصول إليهما بيدي. إنه لأمر مزعج، ولكن ثمة أجزاء عدة في جسمي لا يمكنني الوصول إليها هذه الأيام. الحقيقة هي أن جسمي يميل قليلا إلى البدانة. لا أعني أنني أصبحت كالأشخاص الضخام الذين يظهرون في استعراضات المهرجانات؛ فوزني لا يتعدى تسعين كيلوجراما، وفي آخر مرة أخذت قياس خصري كان ثمانية وأربعين أو تسعة وأربعين، لا أتذكر بالتحديد. ولست كذلك ممن يعرفون بالبدناء «المقززين»؛ فليس لدي ذلك البطن المتدلي إلى الركبتين. كل ما هنالك أنني عريض الوركين وممتلئ الأرداف بعض الشيء حتى أكاد آخذ شكل البرميل. هل تعرف ذلك النوع من الرجال البدناء الودودين والمتسمين بالنشاط، ذلك النوع الرياضي الضخم الذي يطلق عليه الناس اسم البدين أو المكتنز، الذي دائما ما يكون روح الجمع وفاكهته؟ أنا من هذا النوع. «البدين»، هذا هو الاسم الذي يطلقونه علي عادة. بولينج البدين؛ فاسمي هو جورج بولينج.
ولكن في تلك اللحظة لم أكن أشعر بأنني روح الجمع وفاكهته. وقد هالني أنني في تلك الأيام كان ينتابني على نحو شبه دائم شعور بالكآبة في الصباح الباكر، على الرغم من أنني أنام جيدا وأن هضمي للطعام على ما يرام. كنت أعلم سبب هذا الشعور بالطبع؛ إنه تلك الأسنان المؤقتة اللعينة، التي كانت تبدو كبيرة بفعل المياه في الكأس، وكانت تبتسم لي كأسنان في جمجمة. لقد كان ينتج عن التقائها باللثة شعور بغيض؛ لذعة وقشعريرة شديدة كما لو كنت قد قضمت تفاحة حامضة. إلى جانب ذلك، ولتعتقد ما تشاء، فإن طقم الأسنان يمثل نقطة تحول في حياة المرء؛ ففي الوقت الذي تخسر فيه آخر سنة طبيعية في فمك، لن يعود باستطاعتك بالتأكيد أن تمزح متخيلا نفسك أحد أبطال هوليوود الجذابين. وقد كنت بدينا بالإضافة إلى كوني في الخامسة والأربعين. وعندما وقفت لأغسل نصفي الأسفل ألقيت نظرة على شكلي. إن ما يشاع عن أن الرجال البدناء لا يمكنهم رؤية أقدامهم مجرد هراء، ولكن في الحقيقة عندما أقف على قدمي منتصب الظهر لا يمكنني أن أرى إلا النصفين الأماميين منهما. وقد خطر ببالي وأنا أغسل بطني بالصابون أنه لا يمكن لامرأة أن تنجذب إلي، إلا إذا كانت تتقاضى أجرا على ذلك. لا يعني ذلك أنني كنت أريد أن تنجذب امرأة إلي في تلك اللحظة.
لكن ما أدهشني أنه في ذلك الصباح كانت ثمة أسباب من المفترض أن تجعلني في مزاج أفضل؛ أهمها: أنني لم أكن ذاهبا إلى العمل ذلك اليوم. إن السيارة القديمة، التي «أغطي» بها منطقتي (نسيت أن أخبرك أنني أعمل في مجال التأمين في شركة فلاينج سلامندر للتأمين على الحياة، والتأمين ضد الحرائق، والسطو على المنازل، وإنجاب التوائم، وغرق السفن، وتحطمها ... وكل شيء.) كانت في الجراج قيد الإصلاح؛ وعلى الرغم من أنه كان علي أن أمر على مكتب لندن لتسليم بعض الأوراق، فقد أخذت ذلك اليوم إجازة كي أذهب للحصول على طقم أسناني الجديد. إلى جانب ذلك، كان ثمة أمر آخر يشغل ذهني من وقت لآخر في الفترة السابقة؛ إذ كان لدي سبعة عشر جنيها لم يعلم أحد عنها شيئا؛ أعني أحدا من العائلة. وقد جرى الأمر على النحو التالي. وجد زميل معنا في الشركة، يدعى ميلورز، كتابا بعنوان «علم التنجيم وسباقات الخيل»، الذي أثبت أن الأمر برمته يعتمد على تأثير النجوم على ألوان الملابس التي يرتديها الفرسان. حسنا، في أحد السباقات كانت تشارك فرس تدعى عروس القرصان، وكان حظها ضئيلا في الفوز، ولكن فارسها كان يرتدي اللون الأخضر، الذي بدا أنه لون النجوم الطالعة. كان ميلورز المهووس بأمور التنجيم يراهن بالعديد من الجنيهات على الفرس وترجاني أن أفعل مثله. في النهاية، ولإسكاته في المقام الأول، خاطرت بعشرة شلنات على الرغم من أنني لا أمارس الرهانات في العادة. وكما هو متوقع، وصلت عروس القرصان إلى خط النهاية دون مجهود يذكر. أنا لا أتذكر التفاصيل على وجه الدقة، ولكن نصيبي كان سبعة عشر جنيها. وبدافع فطري - غريب على الأحرى، وربما يشير إلى علامة فارقة أخرى في حياتي - اكتفيت بوضع النقود في البنك ولم أخبر أحدا بالأمر . لم يسبق أن فعلت شيئا كهذا من قبل؛ فالزوج والأب الصالح كان سينفقها في شراء فستان لهيلدا (زوجتي) وحذاءين للطفلين، ولكنني كنت زوجا وأبا صالحا لمدة خمسة عشر عاما، وكنت قد بدأت أضيق ذرعا بالأمر.
بعدما وضعت الصابون على جسمي بالكامل، شعرت بالتحسن وتمددت في حوض الاستحمام للتفكير في شأن الجنيهات السبعة عشر وفيم أنفقها. بدا أن الاختيارين المتاحين أمامي هما إما أن أقضي عطلة نهاية الأسبوع مع امرأة وإما أن أصرفها شيئا فشيئا على النثريات؛ كالسيجار وكئوس الويسكي المضاعفة. فتحت الصنبور للحصول على المزيد من الماء الساخن، وكنت أفكر في النساء والسيجار؛ وعندئذ سمعت ضوضاء كما لو أن قطيعا من الجاموس ينزل الدرجتين اللتين تقودان إلى الحمام. كانا الطفلين بالطبع. إن وجود طفلين في منزل بحجم منزلنا لهو أمر أشبه بكمية كبيرة من الجعة في قدح صغير. كان ثمة قرع مسعور في الخارج ثم صرخة ألم. «أبي! أريد الدخول!» «لا يمكنك ذلك. انصرف!» «لكن أبي! أريد الدخول إلى مكان ما!» «إذن ادخل مكانا آخر. انصرف. فأنا أستحم.» «أبي! أريد الدخول!»
لا فائدة من الأمر! أعرف أن هذه إشارة خطر قادم. المرحاض في غرفة الاستحمام، وبالطبع هو كذلك في منزل كمنزلنا. أخرجت السدادة من حوض الاستحمام ونشفت جسمي جزئيا بأقصى ما تمكنت من سرعة. وفي اللحظة التي فتحت فيها الباب، اندفع بيلي الصغير - ابني الأصغر البالغ من العمر سبعة أعوام - وتخطاني متفاديا ضربة على رأسه كنت أخطط لها. فقط عندما اقتربت من إنهاء ارتدائي لملابسي وبحثت عن رابطة عنق، اكتشفت أن عنقي ما زال عليه بعض الصابون.
من البغيض أن يكون عنقك زلقا بالصابون. إنه شعور لزج ومقزز؛ والغريب في الأمر أنه مهما حرصت على إزالة الصابون عنه بالإسفنجة، فبمجرد أن تكتشف أنه زلق يصاحبك هذا الشعور اللزج طوال اليوم. نزلت الدرج بمزاج سيئ وعلى استعداد أن أكون سيئ الطبع.
غرفة الطعام في منزلنا، مثل غرف الطعام الأخرى في منازل شارع إلزمير، هي مكان صغير وضيق، تبلغ مساحته أربع عشرة قدما طولا، واثنتي عشرة قدما عرضا، أو ربما اثنتي عشرة قدما طولا وعشر أقدام عرضا؛ والخوان المصنوع من خشب البلوط ذو الطراز الياباني، بدورقي الخمر الفارغين وحامل البيض الفضي الذي أعطته والدة هيلدا لنا هدية في زفافنا، كان يضيق المكان. كانت العجوز هيلدا عابسة خلف إبريق الشاي، في حالتها المعتادة من الذعر والرعب بسبب إعلان صحيفة «نيوز كرونيكال» عن ارتفاع سعر الزبد، أو شيء من هذا القبيل. لم تكن قد أوقدت مدفأة الغاز؛ وعلى الرغم من أن النوافذ كانت مغلقة، فقد كان المنزل باردا برودة موحشة. انحنيت للأسفل وأشعلت المدفأة بعود ثقاب، وأخذت أتنفس بصوت عال من أنفي (فالانحناء يجعلني دائما ألهث بشدة) في نوع من التلميح لهيلدا. نظرت إلي نظرة خاطفة بطرف عينيها كما كانت تنظرها إلي دائما عندما تعتقد أنني أفعل شيئا متهورا.
إن هيلدا في التاسعة والثلاثين من عمرها، وعندما قابلتها أول مرة كانت تبدو تماما كالأرنبة البرية. وهي لا تزال كذلك بعض الشيء، ولكنها أصبحت شديدة النحافة ويشوبها بعض الذبول، مع كآبة دائمة ونظرة قلقة في عينيها، وعندما يزيد انزعاجها عن المعتاد تحدب كتفيها وتشبك ذراعيها أمام صدرها كامرأة غجرية عجوز تجلس أمام موقدها. إنها من هؤلاء الأشخاص الذين يستمدون متعتهم الأساسية في الحياة من توقع الكوارث؛ الكوارث التافهة فقط بالطبع. أما الحروب والزلازل والأوبئة والمجاعات والثورات، فلا تأبه لها. زيادة سعر الزبد وتضخم فاتورة الغاز وتلف أحذية الطفلين وقسط الراديو؛ هذا ما تهتم به هيلدا كل يوم. إنها تدرك ما اكتشفت مؤخرا أنه متعة فعلية والمتمثل في أن تتحرك ذهابا وإيابا وذراعاها أمام صدرها، بينما تعبس في وجهي قائلة: «ولكن يا جورج الأمر في غاية الخطورة! ولا أعلم ماذا سنفعل! فلا أعلم من أين سيأتي المال! لا يبدو أنك مدرك لخطورة الأمر»، وهكذا دواليك. إنه من الراسخ بثبات في عقلها أننا سينتهي بنا الحال في ملجأ للفقراء. الغريب في الأمر هو أننا إذا حدث في يوم وذهبنا إلى أحد ملاجئ الفقراء، فلن يكون لدى هيلدا حرج قيد أنملة بقدر ما يكون لدي؛ بل إنها في الواقع قد تستمتع كثيرا بشعور الأمن هناك.
كان الطفلان قد سبقاني بالفعل إلى الدور الأرضي، وقد اغتسلا وارتديا ملابسهما في سرعة البرق كما يفعلان دائما عندما لا تكون أمامهما فرصة لإبعاد أي شخص آخر عن الحمام. وعندما جلست إلى طاولة الإفطار، كانا يخوضان جدالا وصل إلى مرحلة «لقد فعلت ذلك!» «لا، لم أفعل!» «بل فعلت!» «لا، لم أفعل!» وبدا لو أنهما سيظلان هكذا طوال النهار حتى أمرتهما أن يتوقفا. ليس لدي أطفال سواهما؛ بيلي الذي يبلغ من العمر سبعة أعوام ولورنا التي تبلغ أحد عشر عاما. ينتابني شعور غريب تجاه الطفلين؛ فمعظم الوقت لا أكاد أطيق النظر إليهما، ناهيك عن محادثاتهما التي لا تحتمل. إنهما في تلك السن المملة الطامحة لاحتياجات العيش البسيطة؛ حيث يدور تفكير الطفل حول أشياء مثل المساطر والمقالم ومن حصل على أعلى درجة في مادة اللغة الفرنسية. في أحيان أخرى، خاصة عندما يكونان نائمين، أشعر بشيء مختلف تماما؛ إذ أقف في بعض الأحيان أمام سريريهما في ليالي الصيف المضيئة وأشاهدهما وهما نائمان، بوجهيهما المستديرين وشعرهما الكتاني اللون الأفتح من لون شعري بعدة درجات، ويعطيني هذا ذلك الشعور الذي تحس به حين تقرأ قول الإنجيل إن أحشاءك قد حنت؛ ففي تلك الأحيان أشعر أنني مجرد غلاف حبوب جاف لا يساوي شيئا، وأن قيمتي الوحيدة هي في أن أجيء بهذين الكائنين إلى الحياة وأطعمهما حتى يكبرا. ولكن ذلك الشعور لا يستمر إلا للحظات، بينما أغلب الوقت يكون وجودي المنفصل عنهما مهما للغاية لي، وأشعر أنه ما زالت أمام كلب عجوز مثلي حياة طويلة ومزيد من الأوقات الجيدة، وفكرة أن أكون وديعا كالبقرة الحلوب التي تطعم الزوجة والأطفال لا تروق لي.
অজানা পৃষ্ঠা