وبصراحته الخشنة راح يقارن بين العمى وفقد الساقين، ثم تأوه قائلا: في شبابي كنت إذا اخترقت طريقا يختفي اليهود من جوانبه!
ولم يتمالك حسني نفسه، فضحك حتى سعل. وعادوا إلى الصمت، فترامى إليهم مرة أخرى صوت المنشدين. وهز عشماوي رأسه طربا، وقال: كنت يوما من مريدي البيومي.
فقال له عبده بدران: طول عمرك مجرم، ولا شأن لك بالطريقة!
فقهقه العجوز ولم يعلق. وأقبل عم عبده نحو حسني حجازي كمن ضاق بسره، وكان الأستاذ يحسن قراءة أفكاره، فسأله عما وراءه، فقال: عليات جاءها ابن الحلال.
فأبدى الرجل سروره متمتما: حقا! - شاب موظف، أخوه قاض كبير. - على بركة الله.
وسكت الرجل متفكرا، ومترددا، ثم قال: قيل لي إنه كان مسجونا!
فتساءل عشماوي: هل يوظف المساجين في هذه الأيام؟!
فاستدرك عم عبده قائلا: لأسباب سياسية.
فقال حسني مخاطبا عشماوي: إنها لا تمس الشرف يا عشماوي!
وقال عم عبده: وإبراهيم موافق، ولو كانت تمس الشرف لما وافق أبدا!
অজানা পৃষ্ঠা