ذهبت منى برفقة أبيها إلى مكتب الأستاذ حسن حمودة المحامي بشارع صبري أبو علم. وقد تذكره الأستاذ زهران في محنته لا لزمالة قديمة فحسب، ولكن لاعتقاده بأنه أحد ثلاثة يعتبرون قمما كمحامين جنائيين. وكانت حجرة مكتبه واسعة وفخيمة. فاستقبلهما بقامته المديدة، ووجهه الأسمر الغامق وعينيه المشعتين، ثم رحب بالأستاذ زهران، ووقفت عيناه - ثواني - شبه مبهورتين عند منى قبل أن يدعوهما للجلوس ثم جلس.
وشرع الأستاذ زهران في قص قصته، وسرعان ما قاطعه الأستاذ حسن: أهو ابنك؟ لم يخطر لي ذلك على بال!
ومضى الرجل في قصته، التي أصبحت قضية، حتى فرغ منها وهو يتنهد، فقال الأستاذ حسن: البقية منشورة في الصحف!
ثم وهو ينظر إلى منى مجاملا: من المؤسف أن قتل من يستحق القتل عن غير جهة اختصاص يعتبر جريمة!
فقالت بصوت ضعيف مقهور: لم أتصور أن ينتهي الأمر بمأساة طاحنة! - ثمة مأساة معقولة ومأساة لا معقولة. - وأخي لم يعرف عنه يوما أي ميل للعدوان. - لو كان خبيرا في العدوان لما تورط في جريمة غير مقصودة.
وطلب منها أن تقص القصة التي بدأت بها المأساة فقصتها عليه بتفاصيلها، سألها: هل يوجد شهود؟ - كنا وحدنا في حجرة مكتبه.
وتساءل الأستاذ زهران: وهل من مبرر لادعاء الباطل عليه؟
فقال الأستاذ حسن حمودة باسما: أنت أدرى بدقة القانون.
فقالت منى: واضح أنه لم يقصد قتله. - يجب أن أطلع على ملف القضية أولا، غير أن المنشور في الصحف يدل على أن الدكتور كان يسعى للقاء القتيل، وأنه بحث عنه في استوديو مصر كما بحث عنه في مطعم جاميكا، ثم انتظره، ثم كان ما كان ... - ولكن هل يكفي هذا لإثبات أنه قتله عن تعمد وإصرار؟ - كلا، ولكن ترى هل أصابه في مقتل؟ - حتى لو كان ذلك صحيحا، فلا شك أنه وقع مصادفة. - ولكننا مطالبون بإثبات أي رأي نرتئيه، ولا تنسى أنه دكتور، وأنه - في نظر المحكمة - خبير بالمقاتل!
وغشى الظلام عيني الفتاة، فعاد يقول ملاطفا: ولكن حول ذلك سيتركز نضالنا، وعلينا أن نثبت أنه ضرب أفضى إلى القتل.
অজানা পৃষ্ঠা