فردت إنيد: «تقصد شراب البيض.» كما لو كان التصحيح سيحدث فرقا.
وصلت السيدة كوين إلى درجة من الإنهاك والضعف حالت دون تحدثها في أغلب الأحيان، وكانت تدخل أحيانا في غيبوبة يضعف فيها تنفسها وتفقد نبضها، ولو كان يراعيها شخص أقل خبرة من إنيد لاعتبرها قد فارقت الحياة. لكنها كانت تستعيد نشاطها في أحيان أخرى، وتحدوها رغبة في تشغيل الراديو، ثم إطفائه. ومع ذلك، ظلت تعي من هي جيدا، ومن هي إنيد، وكانت تبدو أحيانا وكأنها تراقب إنيد بنظرة تأملية أو فضولية. شحب وجهها وشفتاها منذ أمد بعيد، لكن لون عينيها الأخضر بدا أكثر وضوحا مما كان؛ كان أخضر فاتحا ضبابيا في الماضي. حاولت إنيد الاستجابة للنظرة التي رمقتها بها السيدة كوين؛ فسألتها: «هل تودين أن أحضر لك قسا كاثوليكيا ليتحدث معك؟»
فارتسمت نظرة على وجه السيدة كوين كما لو كانت ترغب في البصاق. «هل أبدو كاثوليكية في نظرك؟»
فقالت إنيد: «ماذا عن قس بروتستانتي؟» كانت تعلم أن هذا هو السؤال الذي ينبغي لها طرحه، لكن الأسلوب الذي طرحته به لم يكن صحيحا؛ إذ اتسم بالبرود وبعض الخبث.
لكن لم يكن هذا ما أرادته السيدة كوين، فأصدرت صوتا يدل على الاستهجان. كانت لا تزال تتمتع بقدر من الطاقة، وشعرت إنيد بأنها تدخرها لغرض ما. سألتها على نحو تعمدت فيه إظهار الشفقة والتشجيع: «هل ترغبين في التحدث مع طفلتيك؟ أهذا ما ترغبين فيه؟» «كلا.» «ماذا عن زوجك؟ سيصل بعض قليل.»
لم تكن إنيد متأكدة من ذلك؛ إذ كان روبرت يصل إلى المنزل متأخرا في بعض الليالي بعد أن تكون السيدة كوين قد أخذت آخر جرعة من حبات الدواء وخلدت إلى النوم. وكان يجلس مع إنيد، ويحضر لها دوما الصحيفة. سألها ذات مرة عما كانت تكتبه في مفكرتيها - بعد أن لاحظ أن لديها مفكرتين - وأجابته؛ فقالت له إن إحدى المفكرتين تخص الطبيب؛ إذ تسجل فيها قياس ضغط الدم والنبض ودرجة حرارة الجسم، بالإضافة إلى ما تناولته المريضة من طعام، وما تقيأته، وما أخرجه جسدها من فضلات، وما حصلت عليه من أدوية، وبعض الملاحظات العامة التي تلخص حالتها. أما المفكرة الأخرى، فكانت تخصها؛ فتكتب فيها العديد من الأمور المشابهة، وإن لم يكن بالضبط؛ إذ كانت تضيف بعض التفاصيل المتعلقة بالطقس، وما يدور من أحداث بوجه عام. هذا بالإضافة إلى بعض الأمور التي ترغب في تذكرها فيما بعد.
وقالت له: «دونت، على سبيل المثال، في أحد الأيام، شيئا قالته لويس. كانت لويس وسيلفي قد دخلتا إلى هنا أثناء وجود السيدة جرين التي أخذت تتحدث عن شجيرات التوت التي نمت بطول الممر وامتدت عبر الطريق. فقالت لويس: «كما كانت في قصة «الأميرة النائمة».» لأنني كنت قد رويت لهما هذه القصة. فدونت ملاحظة عما قالته في المفكرة.»
قال روبرت: «سوف أتولى أمر هذه الشجيرات وأشذبها.»
شعرت إنيد بأنه سعد بما قالته لويس وبتدوينها لذلك في مفكرتها، لكنه ما كان من الممكن أن يفصح عن ذلك.
وفي إحدى الليالي، أخبرها بأنه سيغيب بضعة أيام لحضور مزاد للماشية، وأنه سأل الطبيب عن رأيه في ذلك، فلم يمانع.
অজানা পৃষ্ঠা