সবুজ ঘোড়া অ্যাসফল্টের রাস্তায় মারা যায়
الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت
জনগুলি
لكن الشيخ «محمد» عاد مع أبيك، هذا القمر نفسه كان ينظر إليه وهو يصعد عتبة بيتكم القديم، يدق على الباب الذي كان مفتوحا، يتنحنح، يقول: يا ساتر، يميل على أمك في ثقة ليطمئنها بقوله: هناك مكان للأخير. كنت راقدا على حجر إحدى العجائز، جاءت تعزي أمك في موت التوءمين. على رأسك الصغير المنحدر بشدة من الخلف طرطور متعدد الألوان، على وجهك الذابل العنيد ابتسامة الخجول من بقائه بعد ذهاب أخويه، المعتذر عن وجوده بالسكوت.
كنت هناك أيضا وكان القمر هناك حين صرخت أمك: فال الله ولا فالك يا شيخ محمد! تستخسر في هذا الولد المسكين؟ ويؤكد الشيخ «محمد» استعداده لتأدية الخدمات قبل أن يغادر باب الدار، ويضحك في سره من سذاجة أمك ويقول في نفسه: لتنتظر يومين، سوف تعرف كلامي! لكنه سينتظر طويلا؛ لأنك ستثبت له أنك برغم ضعفك أخبث منه، وسيواريه شيخ آخر في التراب، كما يواري أمك وأباك وقارئ القرآن، وعم مرجان اللحاد الأسمر الطويل قبل أن تشغل الحفرة الصغيرة الباقية لك.
تسألك وأنت تسير ساهما مطرقا برأسك المتعب المنفوش الشعر إلى جانبها، وجسدك كله ينتفض من البرد والخوف وتوقع المهاجمين الذين سمعت عن حوادثهم في الغابة: هل عدت من رحلتك؟ وقبل أن تفتح فمك لترد عليها - لم تكن قد وجدت الجواب بعد - تشدك من ذراعك حتى لا تقع في حفرة، وتسكت فلا تحدثها عن الحفرة الشاغرة التي تنتظرك في مقبرة قريتك، فتعود تسألك: هل عاد سندباد من رحلته؟ فتجيب بصوت تود ألا تسمعه: أنت أيضا تعرفين السندباد؟ فتضحك ضحكة تفزع أرواح الغابة، وتقول وهي تقبلك فجأة: ومن الذي لا يعرف السندباد؟ نحن أيضا نقرأ ألف ليلة وليلة، صحيح أنني لا أعرف كثيرا مثلك، لكن أمي حكت لي عنه، كما حكت لك أمك عن رحلاته السبع في الجزر النائية، عن الرخ الذي ربط نفسه فيه، والأسود العملاق الذي أكل أصحابه، عن جبل الألماس وجبل القرود، عن حبه للبحر. قلت وأنت تقف أمامها وتطوقها بذراعيك وتفرق فمك المحموم الخائف في شفتيها: وحبه للعيون الخضراء والشعر الأشقر والأجساد البيضاء.
سيعود إلى الغابة بعد أيام؛ سيسير في الوحل ويدوس على الأوراق الجافة، ويسمع دقات قلبه الخائفة، سيطوق الجسد الأبيض، ويقبل العيون الخضراء ويمرغ الوجه في الشعر الأشقر، ويصعد على التل الناعم، ويفترش المعطف البارد الشفاف.
والطفل سينمو ويتحرك، والبطن سيعلو ويستدير، والصيحة ستنطلق في المستشفى الكبير النظيف، ولن تستطيع قوة أن تغيبها من جديد في جوف الرحم. وأنت ستعود إلى غرفتك وتقول كل ليلة: يا إلهي! كم هي باردة! وستنظر في مرآتك وتقول: يا إلهي! كم أنا دميم! وسترن في أذنيك صيحات الطفل الذي لن تراه ولن تستطيع أن تعيده إلى جوف الرحم، وتضم ذراعيك على الفراغ وأنت تتذكر أن ذراعا أخرى تضمه، وشفة أخرى تقبله، ويدا أخرى تسحب عليه الغطاء.
وسوف تصمت وتصمت، تمد حولك أسوار القلعة المنيعة التي سمعت أو قرأت - لا تذكر أين ومتى - أن شاعرا كبيرا مدها حول نفسه، ستحلم في بعض الليالي وأنت تسند رأسك بين كفيك وترفعهما لتحدق في الفراغ أنك كنت تريد أن تكون مثل المعري أو مثل جوته أو الحلاج، وستعرف أنك أصبحت تمثالا أجوف يرن فيه الصدى الوحيد، وحتى هذا الصدى سيخرس من جديد. بماذا تحلم أيضا؟ ألم يكن أورفيوس يغني فتلتفت رءوس الأشجار، وتفزع إليه الوحوش، وتحدق في عيونها الواسعة، وتمد رءوسها راضية ليضعها في سلاسل الألحان؟
ألم تكن تتمرغ عند قدميه، وتلعن قيثارته وتقدم له الدهشة والبراءة والامتنان؟ فماذا تريد بصمتك؟ من نظرتك التي تلامس الأشياء والوجوه ثم ترتد عنها؟ تقطع كل الخيوط التي تريد أن ترتبط بك، تهدم كل الجسور التي تحاول أن تعبر إليك.
أنت تذكر عصر اليوم الذي عدت فيه إلى قريتك؛ كنت في الصحراء الصامتة الواسعة تتدرب على القتال حين وصلتك البرقية، وعندما دلفت من الباب كان كل شيء قد انقضى؛ المأتم انفض، الصوان هدم، المعزون عادوا إلى بلادهم؛ حتى الرمل الذي فرشوه على الأرض لم يبق له أثر! قلت لنفسك وأنت تدخل إلى الحجرة المعتمة، على ضوء لمبة الغاز لا تتبين أباك الممدد على الفراش كأنه أبو زيد الهلالي: يا إلهي! الحجرة باردة بدونها، يا إلهي! ماذا أفعل بدونها؟ هتفت امرأة عجوز - قالوا لك فيما بعد إنها قريبة أبيك - حتى يجذبوا انتباهك إليها ويعتذروا لها عن إهمالك في حقها قائلة: كان لها ابن عسكري. أردت أن تبكي، حاولت أن تنهنه، وقف شيء في حلقك، اختنق شيء في صدرك، بقي وجهك جامدا كوجه تمثال. قال لك أبوك في ارتياح لم يستطع أن يخفيه: هذا حال الدنيا! ثم سمع شخيره. اقتربت منك أختك وربتت على كتفيك، وقالت - بالرغم من أنها لم تلمح دمعة واحدة في عينيك: لا تدم عينيك من البكاء، البركة فيك.
أخذك أخوك من يدك إلى حجرة في السطوح، وقال وهو يصعد السلم معك ويضغط على يدك: اسمك كان آخر شيء نطقت به، كانت تتمنى أن تراك. قلنا لها هو بعيد، يخدم في سبيل الوطن. لم تفهم. قالت: ربنا ينجيه. اسمك آخر ما جاء على لسانها. (ثم وهو يخبطك بقوة على ظهرك ويكاد لولا الكسوف يقهقه) أصبحت شاويشا قد الدنيا. تذكرت آخر مرة رأيت أمك فيها؛ هل تقول: رأيت؟ ربما لم تملأ عينيك منها كما كان ينبغي، لم تقف نظرتك على الوجه الذي لم تكن تدري أنك تراه لآخر مرة - وإن كان إحساسك قد أخبرك من قبل في الليالي الطويلة التي قضتها تتقلب إلى جانبك وتدعو الله أن ينجيك من مرض القلب - كنت مشغولا بنفسك، كنت سعيدا بسجنك، تستعجل السفر لتتفرغ - كما كنت تحلم - للأبيات الركيكة التي تحلم بأنها ستجعلك مثل المتنبي، أو تضع إكليل المجد على رأسك مثل فرجيل!
هل نسيت أنها لم تفلح حتى في أن تقربك إلى الحبيبة؟ ألم تكن في كل مرة تقدم القصيدة إليها كالشحاذ الذي يجرب لأول مرة في حياته أن يعطي لكي يأخذ أكثر مما أعطى؟ ألم تكن تبتسم لك في رثاء وهي تأخذها منك؟ هل كانت تغفل عنها رعشة يدك، واصفرار وجهك، وإهمال شعرك وأظفارك؟
অজানা পৃষ্ঠা