سنا :
لهذا لا أطلب هذا القلب إلا إليك، ولا أريده إلا منك. إنني عند ظنك بوفائي، وضميري طاهر كما تعلمين، والشفقة التي أشعر بها لا تجعلني ناكثا بالعهد، حانثا باليمين. فلقد أخلصت الطاعة لك في كل ما تجنحين إليه وعقدت العزم على قضاء مأربك بما يجاوز الأيمان التي أقسمتها. ولقد كان في مقدرتي، كما تدرين، من غير حنث ولا إجرام أن أفوت عليك تلك الضحية العظيمة: إذ لو أن قيصر تخلى عن السلطان لأفسد علينا كل حجة نحتج بها لقتله، ولانتقضت المؤامرة، ولأخفقت مطالبك وطاش سهم حقدك. ولكني وحدي أذهبت عن نفسه الروع، وأقنعته بالبقاء على الملك وتوجته بيدي لأقدمه لك قربانا.
اميليا :
لتقدمه لي قربانا، أيها الخائن، وتريد أن أكون أنا التي أرد يدك عنه، وأن يعيش إذن، وأن أحبه، وأن أكون الغنيمة لمن أبقى عليه، والثمن للنصح الذي أمسك به في الحكم.
سنا :
لا تسرفي في اتهامي بعدما قدمت من خدمتك، فلولاي ما بقى لك من سلطان على حياته. ومع إحسانه إلي قد وكلت مصيره إلى ما يقضي به الحب. فإما أجهزت عليه وإما مننت عليه بالبقاء، وما دمت قد وفيت بنذوري الأولى في طاعتك، فاعرفي لي هذاالصنيع بعض الشيء، واسمحي لي أن أزيل عنك سخطا غير جدير بك، واعطفك عليه مثل عطفه عليك.
إن النفس الكريمة التي تهتدي بهدى الفضيلة تفر من عار الكنود والخيانة، وتمقت الغدر، ولو أنال السعادة، ولا ترضى بخير الدنيا إذا كان جزاؤه بذل الشرف.
اميليا :
ولكنني أرى في هذا العار مجدا لي. ما أنبل الغدر إذا رمي به الطاغي! ومتى أريد انقاذ قوم من عثرات الجد التاعس كان أشد القلوب كنودا أعظمها كرما.
سنا :
অজানা পৃষ্ঠা