فالتوحيد اذا أساس السعادة البشرية الأولى التي هي أساس السعادة البشرية الثانية. والشرك هو بركان الشقاء البشري الأول الذي هو شرارة للشقاء البشري الثاني، لأن التوحيد اعتقاد ان الله واحد في ذاته واحد في أقواله واحد في أفعاله واحد في صفاته لا يشبهه شيء. لا يشبه شيئا وهذا يقتضي وصفه بصفات الكمال وتنزيهه عن صفات النقص والايمان بهذا يستلزم الإيمان بكتبه ورسله، والإيمان بكتبه ورسله يستلزم امتثال ما شرعه من الدين والامتثال بذلك يستلزم السعادة في الدارين بالمعنى الصحيح.
والشرك اعتقاد ان الله تعالى شريكه في شيء من ذلك وهذا يقتضي وصفه بصفات النقص. وهو يستلزم تكذيبه وعدم الاعتراف بكتبه ورسله وهذا يستلزم انتهاك حرمة شرعه. وانتهاك شرعة يستلزم الشقاء في الدارين.
فأنت ترى ان السعادة تمشي من التوحيد حيث مشى، والشقاء يسير مع الشرك حيث سار، ان الشرك لظلم عظيم.
قد يقال هذا منتقض ما عليه العالم الان في الخارج فاننا نرى المسلمين حيث كانوا في ذلة وهوان وشقاء والمشركين حيث كانوا في عزة وعظمة وهناء. فالتوحيد اذا والشرك على عكس ما تقول فالأول كان السبب في شقاء المسلمين، والثاني كان السبب في سعادة الكافرين. فالواجب اعتناق ما فيه السعادة الملموسة ونبذ ما فيه التعاسة المحسوسة فتقول: ان شقاء المسلمين لم يلحقهم لاجل انهم مسلمون، وان سعادة المشركين لم ينالوها لاجل انهم مشركون، وانما لحق المسلمين ما لحق بقدر اخلالهم بما يستلزمه الايمان الصحيح من امتثال ما اوجبه عليهم الذي أمنوا به بقدر مخالفتهم للسنن الكونية والنواميس العمرانية التي سنها سبحانه وتعالى وشرعها في كتبه على السنة رسله لاجل اسعاد البشر.
পৃষ্ঠা ৬