হিকমত ঘর্ব
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
জনগুলি
يرى أفلاطون أن المواطنين في الدولة المثلى ينقسمون إلى ثلاث طبقات: الحراس، والجنود، وعامة الشعب. أما الحراس فهم صفوة محدودة العدد هي وحدها التي تملك زمام السلطة السياسية.
وعندما تنشأ الدولة للمرة الأولى، يعين المشرع الحراس، وبعد ذلك يخلفهم أمثالهم، ولكن من الممكن للأطفال الممتازين من الطبقات الدنيا أن يرتفعوا إلى مستوى الطبقة الحاكمة، على حين أن ذرية هذه الطبقة إذا كانت متدنية المستوى، يمكن أن تهبط إلى مستوى الجند أو العامة. ومهمة الحراس هي التأكد من تنفيذ إرادة المشرع، ويضع أفلاطون مجموعة كاملة من الخطط المتعلقة بطريقة تنشئتهم ومعيشتهم، كما يتأكد من أنهم سيفعلون ذلك؛ فمن الواجب أن تنمي التربية عقولهم وأجسامهم، أما العقول فتنميها «الموسيقى»، وتعني أي فن ترعاه ربات الفنون
muses . وأما الأجسام فتنميها الرياضة البدنية، وهي ألعاب لا تحتاج إلى فرق متكاملة. والهدف من تعلم «الموسيقى» أو الثقافة هو تكوين سادة مهذبين، والواقع إن فكرة السيد المهذب
gentleman
كما يفهمها الإنجليز، مستمدة من أفلاطون، فلا بد أن يتعلم الشباب كيف يسلكون باحترام ورقة وشجاعة. ولا بد لبلوغ ذلك من فرض رقابة صارمة على الكتب.
ويجب إبعاد الشعراء من الدولة؛ إذ إن هوميروس وهيزيود يصوران الآلهة، وهي تسلك وكأنها أفراد من البشر المشاغبين المتهورين، مما يقلل من احترام النشء لها. فلا بد أن يصور الله لنا، لا على أنه خالق العالم كله، بل على أنه خالق ما ليس شرا في العالم فحسب.
كذلك فإن لدى هؤلاء الشعراء فقرات تثير الخوف من الموت، أو الإعجاب بالسلوك الطائش، أو الاعتقاد بأن الشرير قد ينعم على حين أن الخير قد يشقى، كل ذلك ينبغي منعه، كذلك تفرض رقابة على الموسيقى، بمعناها الضيق الحالي، ولا يسمح إلا بتلك المقامات والإيقاعات التي تحض على الشجاعة والاعتدال. ولا بد أن تكون حياة الشباب بسيطة تكتفي بما هو ضروري، فلا يحتاجون إلى أطباء، ومن الواجب أن نحميهم في حداثتهم من المؤثرات السيئة، ولكن يتعين عليهم، بعد أن يبلغوا سنا معينة، أن يواجهوا المخاوف والإغراءات، ولا يصلح منهم لأن يكونوا حراسا إلا أولئك الذين يقاومون ذلك كله.
أما حياة الحراس الاجتماعية والاقتصادية فهي مشاعة صارمة؛ فبيوتهم بسيطة، وهم لا يملكون إلا ما يحتاجون إليه من أجل معيشتهم الخاصة. وهم يأكلون سويا في جماعات، ولا يقتاتون إلا مأكولات بسيطة، وتسود المساواة الكاملة بين الجنسين. فجميع النساء هن زوجات لجميع الرجال. ولكن الحاكم يحافظ على أعدادهم بأن يجمع في أعياد معينة بين مجموعة مناسبة من الرجال والنساء، يفترض أنها اختيرت بالقرعة، ولكنها في الواقع قد اختيرت من أجل تحسين النسل. ويؤخذ الأطفال من أمهاتهم عند ولادتهم، ويربون سويا على نحو لا يعرف معه أي شخص من هم أبواه الحقيقيان، أو من هم أبناؤه. أما أولئك الذين يولدون من زيجات لم يقرها الحاكم فيعدون أبناء غير شرعيين، كما يتم التخلص من المشوهين والمنتمين إلى سلالات هابطة. وهكذا تضعف المشاعر الخاصة وتقوى الروح العامة. ويختار أفضل الجميع لكي يتعلموا الفلسفة، ومن يتفوقون فيها يكونون في النهاية هم الصالحون للحكم .
ومن حق الحكومة أن تكذب إذا اقتضى ذلك الصالح العام، وهي تعمل بوجه خاص على غرس «الأكذوبة الملكية» التي تصور هذا العالم الجديد الغريب على أنه عالم من صنع الآلهة، ولن يمضي على ذلك سوى جيلين حتى يصدق الجميع ذلك دون اعتراض، أو على الأقل يصدقه القطيع.
وأخيرا نصل إلى تعريف العدالة، الذي كان هو ذريعة الدخول في المناقشة بأسرها؛ إذ إن أفلاطون أدخل فكرته عن المدينة المثالية؛ لأنه شعر بأنه قد يكون من الأسهل مناقشة العدالة على نطاق ضخم أولا، فالعدالة تسود حين يهتم كل شخص بشئونه الخاصة، أي إن على كل إنسان أن يقوم بالعمل الذي يصلح له، دون أن يحشر نفسه في شئون الآخرين، وعلى هذا النحو تتم إدارة شئون المدينة كلها بسلاسة وكفاءة. وفي هذا المعنى اليوناني ترتبط العدالة بفكرة الانسجام، ويعمل الكل بهدوء من خلال أداء كل جزء لعمله الصحيح.
অজানা পৃষ্ঠা