হিকমত ঘর্ব
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
জনগুলি
Megara ، حيث ظلوا إلى أن تلاشت ذيول الحادث. وبعد ذلك يبدو أن أفلاطون قام بأسفار طوال بضع سنوات، طاف خلالها صقلية وجنوب إيطاليا، وربما مصر أيضا، ولكنا لا نعرف عن هذه الفترة إلا أقل القليل، وعلى أية حال فإنه يعود إلى الظهور في أثينا عام 387ق.م، حين وضع أسس مدرسة أنشئت في بستان يبعد مسافة بسيطة في الاتجاه الشمالي الغربي للمدينة، وكان اسم قطعة الأرض هذه مرتبطا باسم البطل الأسطوري أكاديموس؛ ومن ثم فقد أطلق على الدراسة اسم الأكاديمية، وكان تنظيمها مستوحى من نموذج المدارس الفيثاغورية في جنوب إيطاليا، وهي المدارس التي عرفها أفلاطون خلال أسفاره. وتعد الأكاديمية هي الأصل الأول الذي تفرعت عنه الجامعات، منذ العصور الوسطى، وقد ظلت باقية بوصفها مدرسة طوال ما يربو على تسعمائة عام، وبذلك عاشت فترة أطول مما عاش أي معهد علمي آخر قبل ذلك العهد وبعده. وأخيرا أغلقها الإمبراطور جستينيان
Justinian
في عام 529 ميلادية، بعد أن شعر بأن هذا التراث الباقي من العصر الكلاسيكي يجرح مشاعره المسيحية.
كانت الدراسات في الأكاديمية تسير في خط كان موازيا على وجه الإجمال للموضوعات التقليدية في المدارس الفيثاغورية. فكان أهم المقررات الدراسية فيها هو الحساب وهندسة المسطحات والمكعبات، والفلك، والصوت أو التوافق (الهارمونيا). وهكذا كان الاهتمام الأكبر ينصب على الرياضيات، وهو أمر غير مستغرب في ضوء روابطها الفيثاغورية القوية. ويقال إن مدخل المدرسة كان يحمل لافتة تمنع أي شيء لا يحب هذه الدراسات الرياضية من الدخول. وكانت فترة تلقي التعليم في هذه المواد عشر سنوات.
ولقد كان الهدف من هذه الدراسة هو تحويل أذهان الناس عن التغيرات المتقلبة لعالم التجربة اليومية، وتوجيهها نحو الإطار الثابت الذي يكمن وراء هذه التغيرات، أي من الصيرورة إلى الوجود ، إذا استخدمنا تعبير أفلاطون.
ولكن أية دراسة كهذه لا تقوم بذاتها؛ فهي في النهاية تخضع لقواعد الجدل، ومن ثم فإن دراسة هذه القواعد هي السمة المميزة للتعليم الحق.
والواقع أن هذه القواعد تظل هي موضوع التعليم الصحيح بمعنى حقيقي إلى أبعد حد، حتى في يومنا هذا؛ فليس من مهمة الجامعة أن تحشو أدمغة الطلاب بأكبر عدد من الحقائق يمكن أن تتسع له، بل إن مهمتها الحقيقية هي أن تكون لديهم عادات الاختبار النقدي والفهم الصحيح للقواعد والمعايير التي تحكم كل موضوعات الدراسة.
وأغلب الظن أننا لن نستطيع أبدا أن نعرف تفاصيل الطريقة التي كانت تدار بها الأكاديمية، ولكننا نستطيع أن نستدل، من إشارات سريعة في كتابات أخرى، على أنها لا بد أن تكون مشابهة في نواح كثيرة لمعاهد التعليم العالي الحديثة؛ فقد كانت مزودة بأدوات علمية ومكتبة، وكانت تلقى فيها المحاضرات، وتعقد حلقات البحث.
وقد أدى تقديم التعليم في مدرسة كهذه إلى تدهور سريع للحركة السفسطائية، ولا شك أن أولئك الذين كانوا يحضرون دروسها كانوا يسهمون بأموال للإنفاق عليها، ولكن مسألة المال لم تكن هي المسألة الهامة، فضلا عن أن أفلاطون الذي كان ميسور الحال، كان يستطيع أن يتجاهل هذه الأمور، وإنما كان الشيء الهام حقا هو الهدف الأكاديمي، الذي كان تدريب عقول الناس على أن تفكر بنفسها في ضوء العقل، ولم يكن لهذه الدراسة أي هدف علمي مباشر، على عكس السفسطائيين الذين لم يكونوا يبحثون إلا عن البراعة في الأمور العملية.
ولقد كان أشهر تلامذة الأكاديمية هو واحد من أوائل هؤلاء التلاميذ، وأعني به أرسطو، الذي انتقل في شبابه إلى أثينا؛ لكي يلتحق بهذه المدرسة، وظل فيها قرابة العشرين عاما، إلى أن مات أفلاطون، وينبئنا أرسطو بأن أستاذه كان يحاضر دون مذكرات معدة سلفا، كما أننا نعرف من مصادر أخرى أنه في حلقات الدراسة أو المناقشة كانت المشكلات تطرح على الطلاب لكي يحلوها. وكانت المحاورات محاولات فلسفية بالمعنى الحرفي، لا تستهدف تلاميذ أفلاطون بقدر ما تستهدف الجمهور الواسع المتعلم . ولم يكتب أفلاطون كتابا مدرسيا واحدا، كما أنه كان يرفض دائما أن يصوغ فلسفته على شكل مذهب متكامل، ويبدو أنه كان يشعر بأن العالم أعقد من أن يشكل في قالب أدبي معد سلفا.
অজানা পৃষ্ঠা