200

হিকমত ঘর্ব

حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي

জনগুলি

ويميز نيتشه بين نوعين من الناس، لكل منهما أخلاقيته الخاصة، هما السادة والعبيد، وهو يعرض النظرية الأخلاقية المبنية على هذا التمييز في كتابه «ما وراء الخير والشر» (1886م). فلدينا من جهة أخلاق السادة، التي يرتبط فيها الخير بالاستقلال والكرم والاعتماد على النفس، وما شابه ذلك، أعني جميع الفضائل التي يتصف بها الإنسان ذو النفس الكبيرة عند أرسطو، أما النقائص المقابلة فهي الخضوع والوضاعة والتهيب وما إليها، وهذه تمثل الشر، وهنا نجد التقابل بين الخير والشر يعادل على وجه التقريب التضاد بين النبيل والحقير. أما أخلاق العبيد فتقوم على مبدأ مختلف كل الاختلاف. فالخير عندها يكون في نوع من الاستسلام الشامل وفي كل ما من شأنه التخفيف عن المعاناة ووأد الطموح، على حين أنها تندد بتلك الصفات التي تعد خيرا في أخلاق السادة وتراها شرا، لا مجرد سوء أخلاق، ذلك لأن الشخص الحر في أخلاق السادة يبدو في نظر العبيد مرعبا، وكل سلوك يثير الخوف يعد في نظره شرا. أما أخلاق البطل أو الإنسان الأرقى

Superman

فتقع فيما وراء الخير والشر.

وكان نيتشه قد عرض هذه الأفكار في كتابه «هكذا تكلم زرادشت» على صورة دعوة أخلاقية تحكي في أسلوبها كلمات الكتاب المقدس، وبالفعل كان نيتشه فنانا عظيما في الأدب، حتى لتبدو مؤلفاته أقرب إلى الشعر المنثور منها إلى الفلسفة.

لقد كان أبغض الأمور إلى نيتشه هو ظهور ذلك النوع الجديد من الإنسانية الجماعية التي نمت مع تطور التكنولوجيا الجديدة، فالوظيفة الصحيحة للمجتمع، في رأيه، هي أن يكون بمثابة معمل لتفريخ تلك القلة من العظماء الذين يحققون المثل الأعلى الأرستقراطي. أما المعاناة التي يمكن أن يسببها هذا للناس البسطاء فتبدو في نظره أمرا لا أهمية له، ولقد كان نوع الدولة الذي تخيله مشابها إلى حد بعيد للدولة المثلى في جمهورية أفلاطون. وكان يرى في العقائد التقليدية مجرد أدوات تستعين بها أخلاق العبيد. وفي رأيه أن الإنسان الحر ينبغي أن يعترف بأن «الرب قد مات.»

15

ومن ثم لا يتجه سعيه إليه، وإنما إلى نوع أعلى من الإنسان. ويرى نيتشه أن أوضح نموذج لأخلاق العبيد هو المسيحية، ذلك لأن المسيحية تتجه إلى التشاؤم عندما تعلل النفوس بالأمل في حياة أخروية أفضل، وتبدي تقديرا عاليا للفضائل الهابطة، كالتواضع والشفقة. ولقد كان اتجاه فاجنر، في سنواته المتأخرة، نحو المسيحية هو الذي أدى بنيتشه إلى مهاجمة هذا الفنان الموسيقي الذي كان من قبل يراه صديقا يدعو إلى الإعجاب. أما عبادة البطولة عند نيتشه فكانت تصاحبها نزعة حادة كارهة للمرأة تحبذ معاملة النساء على الطريقة الشرقية - كالقطيع - وهو اتجاه يعكس في رأينا عجز نيتشه عن التعامل مع الجنس اللطيف.

على أن هذه النظرية الأخلاقية تنطوي على قدر غير قليل من الملاحظات المفيدة لمختلف أنماط البشر وأساليبهم في معالجة شئون حياتهم. فهناك جوانب إيجابية كثيرة في فكرة الدعوة إلى نوع من الصرامة والانضباط، بشرط أن يمارسها المرء على ذاته. ولكنا لا نستطيع أن نقتنع، بنفس السهولة بفكرة عدم الاكتراث التام إزاء المعاناة التي تتحملها الكثرة لصالح القلة.

الفصل الرابع

مذهب المنفعة والفلسفات المعاصرة

অজানা পৃষ্ঠা