হিকমত ঘর্ব
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
জনগুলি
Croton ، وهي مدينة يونانية في جنوب إيطاليا، حيث أنشأ الجماعة التي تنسب إليه، وقد عاش في كروتون عشرين عاما حتى سنة 510ق.م، وبعد أن قامت ثورة ضد مدرسته انسحب إلى ميتابونتيون
Metapontion ، حيث عاش حتى وفاته.
لقد كانت الفلسفة عند مفكري ملطية - كما رأينا من قبل - مسألة عملية إلى حد بعيد، وكان في استطاعة الفلاسفة أن يكونوا رجال عمل، بل كانوا بالفعل كذلك. أما في التراث الفيثاغوري فقد برزت وجهة النظر المضادة، فهنا أصبحت الفلسفة تأملا منعزلا للعالم، ويرتبط ذلك بالتأثير الأورفي الذي يتجسد في النظرة الفيثاغورية إلى الحياة؛ ففي هذه النظرة يتوزع الناس بين ثلاث شعاب في الحياة، وكما أن هناك ثلاثة أنواع من الناس يحضرون الألعاب الأولمبية، فكذلك توجد في المجتمع ثلاثة أنواع من الناس، أدناها هم أولئك الذين يبيعون ويشترون، ويليهما المشتركون في المسابقات، وأخيرا المتفرجون الذين يحضرون لكي يشاهدوا، أي «الناظرون» بالمعنى الحرفي (المستمد من النظر).
هؤلاء الآخرون هم الذين يعادلون الفلاسفة. وطريقة الحياة الفلسفية هي الوحيدة التي تحمل قدرا من الأمل في التغلب على تقلبات الحياة، وتتيح لنا الخلاص من دوامة الميلاد من جديد؛ ذلك لأن الفيثاغوريين كانوا يؤمنون بأن الروح تمر بسلسلة متعاقبة من حالات التناسخ.
هذا الجانب من التراث كان يرتبط بعدد من المحرمات والنواهي البدائية، أما التقسيم الثلاثي لأنماط الحياة، فسوف نجده مرة أخرى في جمهورية أفلاطون، بل سنجد فيها بالفعل قدرا كبيرا من التعاليم الفيثاغورية، وآراء المدارس السابقة لسقراط؛ ذلك لأن من الممكن القول إن أفلاطون يقدم إلينا مركبا جامعا للصراعات المذهبية بين الفلاسفة الأوائل.
ومن جهة أخرى، فإن المدرسة الفيثاغورية قد أدت إلى ظهور تراث علمي، ورياضي على وجه التخصيص؛ إذ كان علماء الرياضة هم الورثة الحقيقيون للفيثاغورية، وعلى الرغم من العنصر الصوفي الناشئ عن حركة الأحياء الأورفية، فإن هذا الجانب العلمي للمدرسة لم يلحقه أي تشويه من جراء هذه الأفكار الدينية الأورفية، ولهذا يصبح العلم نفسه عندهما مصطبغا بالصبغة الدينية، على الرغم من أن اتخاذ الأسلوب العلمي في الحياة هو ذاته أمر ذو مغزى ديني.
ولقد كانت الموسيقى من العوامل الهامة في الجانب التطهيري لأسلوب الحياة هذا، ومن الجائز جدا أن اهتمام الفيثاغوريين بالموسيقى كان راجعا إلى تأثيرها التطهيري هذا. وأيا كان الأمر فقد اكتشف فيثاغورس العلاقات العددية البسيطة لما نسميه الآن بالمسافات الموسيقية. فالوتر المشدود يصدر الصوت الثامن (الأوكتاف) إذا قسم طوله إلى النصف، وبالمثل فإذا أنقص الطول إلى ثلاثة أرباع، حصلنا على الصوت الرابع، وإذا أنقص إلى الثلثين حصلنا على الخامس. والصوتان الرابع والخامس معا يصنعان الثامن (الأوكتاف)، أي × = . إن هذه المسافات تناظر النسب القائمة في العلاقة التوافقية 2: 4 / 3: 1. ولقد حاول البعض أن يربط بين المسافات الثلاث للوتر المشدود وبين طرق الحياة الثلاثة. ومع أن هذا لا بد أن يظل ضربا من التخمين، فمن المؤكد أن الوتر المشدود سيلعب منذ الآن دورا أساسيا في الفكر الفلسفي اليوناني؛ ذلك لأن فكرة الانسجام، بمعنى التوازن، والتوفيق بين الأضداد؛ كالمرتفع والمنخفض، والجمع بينها عن طريق الضبط الصحيح للنغم، ومفهوم الوسط أو الطريق الأوسط في الأخلاق، ونظرية الأمزجة الأربعة، كل هذه ترجع في النهاية إلى الاكتشاف الذي توصل إليه فيثاغورس، وسوف نجد الكثير من هذه الأفكار عند أفلاطون.
ومن المحتمل جدا أن الكشوف في ميدان الموسيقى هي التي أدت إلى الفكرة القائلة إن الأشياء كلها أعداد، بحيث يتحتم علينا، من أجل فهم العالم المحيط بنا، أن نهتدي إلى العدد في الأشياء. وما أن ندرك البناء العددي، حتى تتحقق لنا السيطرة على العالم، وتلك فكرة عظيمة الأهمية، وعلى حين أن دلالتها قد ضاعت مؤقتا بعد العصر الهلينستي، فقد عاد الاعتراف بها مرة أخرى بعد أن أدت حركة إحياء المعرفة إلى بعث اهتمام متجدد بالمصادر القديمة، وقد أصبحت هذه الفكرة من السمات الرئيسية في النظرة الحديثة إلى العلم. كذلك فإننا نجد لدى فيثاغورس لأول مرة اهتماما بالرياضيات لا ينبعث أساسا من الاحتياجات العملية، صحيح أنه كانت لدى المصريين القدماء بعض المعارف الرياضية، ولكن هذه المعارف لم تتجاوز ما كانوا يحتاجون إليه لبناء أهراماتهم أو لقياس مساحة حقولهم. أما اليونانيون فهم الذين بدءوا بدراسة هذه المسائل «حبا في البحث ذاته» على حد تعبير هيرودوت، وكان فيثاغورس واحدا من أسبقهم في هذا الميدان.
وقد استحدث فيثاغورس طريقة لتصوير الأعداد بوصفها تنظيمات من النقط أو الحصى، وتلك في الواقع طريقة في الحساب ظلت باقية، بصورة أو بأخرى، وقتا طويلا من بعده، بل إن الكلمة اللاتينية التي تدل على عملية الحساب
Calculation
অজানা পৃষ্ঠা