হিকমত ঘর্ব
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
জনগুলি
Lydia ، وعن طريقه تتصل بإمبراطوريات ما بين النهرين. ومن ليديا تعلم أهل ملطية سك عملات ذهبية تستخدم نقودا، وكان ميناء ملطية يزخر بأضرعة من بلاد متعددة، كما كانت مخازنه تمتلئ سلعا من كافة أرجاء العالم. ومع وجود النقود بوصفها وسيلة عالمية لاختزان القيمة ومبادلة سلعة بأخرى، لم يكن من المستغرب أن نجد الفلاسفة الملطيين يطرحون أسئلة عن الأصل الذي جاءت منه الأشياء جميعا.
ولقد نسب إلى طاليس
Thales
الملطي قوله: «إن الأشياء جميعا جاءت من الماء.» وعلى هذا النحو بدأت الفلسفة والعلم، ولقد كان طاليس في نظر التراث اليوناني واحدا من الحكماء السبعة، ويذكر لنا هيرودوت أنه تنبأ بكسوف للشمس، وقد حسب الفلكيون موعد هذا الكسوف فوجدوا أنه حدث في عام 585ق.م؛ ومن ثم فقد اعتبر ذلك التاريخ فترة نضوج هذا الفيلسوف، وليس من المرجح أن يكون طاليس قد كون نظرته عن الكسوف الشمسي، بل لا بد أنه كان على دراية بالسجلات البابلية المتعلقة بهذه الظاهرة، ومن ثم فقد عرف متى يبحث عن الكسوف، ومن حسن الحظ أن ذلك الكسوف بالذات كان من الممكن رؤيته في ملطية؛ مما ساعد على تحديد عصر طاليس بدقة، كما ساعد بلا شك على ذيوع شهرته. وبالمثل فإن من المشكوك فيه جدا أن يكون قد تمكن من أن يثبت هندسيا نظريات تطابق المثلثات، ولكنه تمكن بلا شك من تطبيق القاعدة العملية التي كان يستخدمها المصريون القدماء في قياس ارتفاع الهرم لكي يهتدي بواسطتها إلى المسافة التي تبعد بها السفن في البحر، ومسافة الأشياء الأخرى التي يستحيل الوصول إليها. وهكذا كانت لديه فكرة عن إمكان تطبيق القواعد الهندسية على نطاق عام، وفكرة التعميم هذه فكرة يونانية أصيلة .
كذلك نسب إلى طاليس قوله إن للمغناطيس نفسا؛ لأنه يحرك الحديد، أما عبارته الأخرى القائلة إن الأشياء كلها مليئة بالآلهة، فليست مؤكدة بالقدر نفسه، ومن الجائز أنها نسبت إليه على أساس عبارته السابقة، ولكن يبدو أنها تجعل العبارة الأولى غير ذات موضوع؛ لأن القول بأن للمغناطيس نفسا لا يكون له معنى إلا إذا لم تكن للأشياء الأخرى نفوس.
ولقد ارتبط اسم طاليس بقصص كثيرة، ربما كان بعضها صحيحا؛ فقد قيل إنه عندما ووجه بتحد في إحدى المناسبات، أبدى عبقريته العلمية بالتحكم في سوق زيت الزيتون؛ ذلك لأن معرفته بالأرصاد الجوية قد دلته مقدما على أن المحصول سيكون وفيرا، فاستأجر كل المعاصر التي أمكنه أن يضع يده عليها، وعندما حان الوقت أجرها بالسعر الذي يريد، فربح بذلك مالا وفيرا، وأثبت للساخرين أن الفلاسفة يمكنهم لو شاءوا أن يكسبوا المال بوفرة.
على أن أهم آراء طاليس هو قوله إن العالم يتألف من الماء، وهي عبارة ليست مسرفة إلى الحد الذي تبدو عليه للوهلة الأولى، ولا هي مجرد نتاج للخيال المنفصل عن المشاهدة، فقد تبين في عصرنا هذا أن الهيدروجين، الذي هو العنصر المولد للماء، هو العنصر الكيمائي الذي يمكن تخليق جميع العناصر الأخرى منه.
1
والواقع أن الرأي القائل إن المادة كلها واحدة، هو فرض علمي جدير بالاحترام. أما عن الملاحظة فإن وجود المرء قريبا من البحر ييسر عليه ملاحظة عملية تبخر المياه بواسطة الشمس، وتجمع بخار الماء على السطح لكي تكون سحبا تتحلل مرة أخرى على صورة أمطار. ووفقا لهذا الرأي تكون الأرض نوعا من الماء المركز، صحيح أن تفاصيل هذا قد تبدو عندئذ مسرفة في الخيال، غير أن من الإنجازات التي تدعو إلى الإعجاب أن يكتشف مفكر أن هناك مادة تظل على ما هي عليه برغم اختلاف الحالات التي تتجمع بها.
ولقد كان الفيلسوف الملطي التالي هو أنكسيمندر، الذي يبدو أنه ولد حوالي عام 610ق.م. ولقد كان مثل طاليس مخترعا ومتمرسا في المسائل العلمية؛ فهو أول راسم للخرائط، وهو زعيم مستوطنة من المستوطنات الملطية على ساحل البحر الأسود.
অজানা পৃষ্ঠা